أنت غير مسجل في منتدى الخليج . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
ضع أميلك وأضغط على إشتراك لكي يصلك كل ماهو جديد المنتدى :
آخر 10 مشاركات
مدونتي وهبتها لمن يستحقها (الكاتـب : - مشاركات : 1078 - )           »          سلطة الشمندر (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          سلطة العدس (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          كيكة الاناناس (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          ماذا يحدث للجنين عند صيام الأم (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          دليلك الكامل عن تكلفة الحقن المجهري (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          الحقن المجهري خلال شهر رمضان (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          متي يمكن للحامل صيام رمضان (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          عشبة الارطا للشعر (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )           »          ترفل (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - )


الإهداءات


العودة   منتدى الخليج >
التسجيل المنتديات موضوع جديد التعليمـــات التقويم

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديممنذ /02-06-2016, 05:04 PM
  #8

 
الصورة الرمزية صلاح العطار

صلاح العطار غير متواجد حالياً

 
 رقم العضوية : 14210
 تاريخ التسجيل : Feb 2016
 الجنس : ذكر
 الدولة : Egypt
 مجموع المشاركات : 63
 النقاط : صلاح العطار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10
 قوة التقييم : 14


 

 

 

 

 
الليلة السادسة

تكملة حكاية الصياد مع العفريت

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الصياد لما قال :
للعفريت لو أبقيتني كنت أبقيتك ، لكن ما أردت إلا قتلي فأنا أقتلك محبوساً في هذا القمقم ، وألقيك في هذا البحر .
ثم صرخ المارد وقال : بالله عليك أيها الصياد لا تفعل وأبقني كرماً ولا تؤاخذني بعملي ، فإذا كنت أنا مسيئاً كن أنت محسناً ، وفي الأمثال السائرة :
يا محسناً لمن أساء كفي المسيء فعله ولا تعمل عمل أمامة مع عاتكة .
قال الصياد : وما شأنهما .
فقال العفريت : ما هذا وقت حديث وأنا في السجن حتى تطلعني منه وأنا أحدثك بشأنهما .
فقال الصياد : لا بد من إلقائك في البحر ولا سبيل إلى إخراجك منه فإني كنت أستعطفك وأتضرع إليك وأنت لا تريد إلا قتلي من غير ذنب استوجبته منك ، ولا فعلت معك سوءاً قط ولم أفعل معك إلا خيراً ، لكوني أخرجتك من السجن ، فلما فعلت معي ذلك ، علمت أنك رديء الأصل ، واعلم أنني ما رميتك في هذا البحر ، إلا لأجل أن كل من أطلعك أخبره بخبرك ، وأحذره منك فيرميك فيه ثانياً فتقيم في هذا البحر إلى آخر الزمان حتى ترى أنواع العذاب .
فقال العفريت : أطلقني فهذا وقت المروءات وأنا أعاهدك أني لم أسؤك أبداً بل أنفعك بشيء يغنيك دائماً .
فأخذ الصياد عليه العهد أنه إذا أطلقه لا يؤذيه أبداً بل يعمل معه الجميل فلما استوثق منه بالإيمان والعهود وحلفه باسم الله الأعظم فتح له الصياد فتصاعد الدخان حتى خرج وتكامل فصار عفريتاً مشوه الخلقة ورفس القمقم في البحر .
فلما رأى الصياد أنه رمى القمقم في البحر أيقن بالهلاك وبال في ثيابه ، وقال : هذه ليست علامة خير ، ثم أنه قوى قلبه وقال :
أيها العفريت قال الله تعالى : وأوفوا العهد ، إن العهد كان مسؤولاً وأنت قد عاهدتني وحلفت أنك لا تغدر بي فإن غدرت بي يجرك الله فإنه غيور يمهل ولا يهمل ، وأنا قلت لك مثل ما قاله الحكيم رويان للملك يونان أبقني يبقيك الله .
فضحك العفريت ومشى قدامه ، وقال أيها الصياد اتبعني فمشى الصياد وراءه وهو لم يصدق بالنجاة إلى أن خرجا من ظاهر المدينة وطلعا على جبل ونزلا إلى برية متسعة وإذا في وسطها بركة ماء ، فوقف العفريت عليها وأمر الصياد أن يطرح الشبكة ويصطاد ، فنظر الصياد إلى البركة ، وإذا بهذا السمك ألواناً ، الأبيض والأحمر والأزرق والأصفر ، فتعجب الصياد من ذلك ثم أنه طرح شبكته وجذبها فوجد فيها أربع سمكات ، كل سمكة بلون ، فلما رآها الصياد فرح .
فقال له العفريت : ادخل بها إلى السلطان وقدمها إليه ، فإنه يعطيك ما يغنيك وبالله أقبل عذري فإنني في هذا الوقت لم أعرف طريقاً وأنا في هذا البحر مدة ألف وثمانمائة عام ، ما رأيت ظاهر الدنيا إلا في هذه الساعة ولا تصطد منها كل يوم إلا مرة واحدة واستودعتك الله .
ثم دق الأرض بقدميه فانشقت وابتلعته ومضى الصياد إلى المدينة متعجب مما جرى له مع هذا العفريت ثم أخذ السمك ودخل به منزله وأتى بماجور ثم ملأه ماء وحط فيه السمك فاختبط السمك من داخل المأجور في الماء ثم حمل المأجور فوق رأسه وقصد به قصر الملك كما أمره العفريت .
فلما طلع الصياد إلى الملك وقدم له السمك تعجب الملك غاية العجب من ذلك السمك الذي قدمه إليه الصياد لأنه لم ير في عمره مثله صفة ولا شكلاً ، فقال : ألقوا هذا السمك للجارية الطباخة .
وكانت هذه الجارية قد أهداها له ملك الروم منذ ثلاثة أيام وهو لم يجربها في طبيخ فأمرها الوزير أن تقليه ، وقال لها :
يا جارية إن الملك يقول لك ما ادخرت دمعتي إلا لشدتي ففرجينا اليوم على طهيك وحسن طبيخك فإن السلطان جاء إليه واحد بهدية .
ثم رجع الوزير بعدما أوصاها فأمره الملك أن يعطي الصياد أربعمائة دينار فأعطاه الوزير إياها فأخذها الصياد في حجره وتوجه إلى منزله لزوجته ، وهو فرحان مسرور ثم اشترى لعياله ما يحتاجون إليه هذا ما كان من أمر الصياد .
وأما ما كان من أمر الجارية فإنها أخذت السمك ونظفته ورصته ، في الطاجن ثم إنها تركت السمك حتى استوى وجهه وقلبته على الوجه الثاني ، وإذا بحائط المطبخ قد انشقت وخرجت منها صبية رشيقة القد أسيلة الخد كاملة الوصف كحيلة الطرف بوجه مليح وقد رجيح لابسة كوفية من خز أزرق وفي أذنيها حلق وفي معاصمها أساور وفي أصابعها خواتيم بالفصوص المثمنة وفي يدها قضيب من الخيزران فغرزت القضيب في الطاجن وقالت : يا سمك يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم .
فلما رأت الجارية هذا غشي عليها وقد أعادت الصبية القول ثانياً وثالثاً فرفع السمك رأسه في الطاجن وقال :
نعم ... نعم ، ثم قال جميعه هذا البيت :
إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا ........ وإن خرجت فإنا قد تكافـينـا
فعند ذلك قلبت الصبية الطاجن وخرجت من الموضع الذي دخلت منه والتحمت حائط المطبخ ثم أقامت الجارية فرأت الأربع سمكات محروقة مثل الفحم الأسود ، فقالت تلك الجارية : من أول غزوته حصل كسر عصبته .
فبينما هي تعاتب نفسها ، وإذا بالوزير واقف على رأسها ، وقال لها هاتي السمك للسلطان فبكت الجارية وأعلمت الوزير بالحال أنه أرسل إلى الصياد فأتوا به إليه ، فقال له أيها الصياد لا بد أن تجيب لنا بأربع سمكات مثل التي جئت بها أولاً .
فخرج الصياد إلى البركة وطرح شبكته ثم جذبها وإذا بأربع سمكات ، فأخذها وجاء بها إلى الوزير ، فدخل بها الوزير إلى الجارية وقال لها قومي اقليها قدامي ، حتى أرى هذه القضية فقامت الجارية أصلحت السمك ، ووضعته في الطاجن على النار فما استقر إلا قليلاً وإذا بالحائط قد انشقت ، والصبية قد ظهرت وهي لابسة ملبسها وفي يدها القضيب فغرزته في الطاجن وقالت :
يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم .
فرفعت السمكات رؤوسها وأنشدت هذا البيت :
إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا ........ وإن هجرت فإنا قد تكافـينـا .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .



إلى اللقاء مع الليله القادمه




 

 

 

 

 

 

 

 

 




 
قديممنذ /02-06-2016, 05:08 PM
  #9

 
الصورة الرمزية صلاح العطار

صلاح العطار غير متواجد حالياً

 
 رقم العضوية : 14210
 تاريخ التسجيل : Feb 2016
 الجنس : ذكر
 الدولة : Egypt
 مجموع المشاركات : 63
 النقاط : صلاح العطار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10
 قوة التقييم : 14


 

 

 

 

 
الليلة السابعة

تكملة حكاية الصياد مع العفريت


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنه لما تكلم السمك قلبت الصبية الطاجن بالقضيب وخرجت من الموضع الذي جاءت منه والتحم الحائط ، فعند ذلك قام الوزير وقال :
هذا أمر لا يمكن إخفاؤه عن الملك .
ثم أنه تقدم إلى الملك وأخبره بما جرى قدامه فقال :
لا بد أن أنظر بعيني .
فأرسل إلى الصياد وأمره أن يأتي بأربع سمكات مثل الأول وأمهله ثلاثة أيام . فذهب الصياد إلى البركة وأتاه بالسمك في الحال ، فأمر الملك أن يعطوه أربعمائة دينار ، ثم التفت الملك إلى الوزير وقال له :
سو أنت السمك هنا قدامي .
فقال الوزير : سمعاً وطاعة .
فأحضر الطاجن ورمى فيه السمك بعد أن نظفه ثم قلبه وإذا بالحائط قد انشق وخرج منه عبد أسود كأنه ثور من الثيران أو من قوم عاد وفي يده قرع من شجرة خضراء وقال بكلام فصيح مزعج :
يا سمك يا سمك هل أنت على العهد القديم مقيم ?
فرفع السمك رأسه من الطاجن وقال : نعم وأنشد هذا البيت :
إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا ........ وإن هجرت فإنا قد تكافـينـا
ثم أقبل العبد على الطاجن وقلبه بالفرع إلى أن صار فحماً أسود ، ثم ذهب العبد من حيث أتى ، فلما غاب العبد عن أعينهم قال الملك :
هذا أمر لا يمكن السكوت عنه ، ولا بد أن هذا السمك له شأن غريب .
فأمر بإحضار الصياد ، فلما حضر قال له :
من أين هذا السمك .
فقال له : من بركة بين أربع جبال وراء هذا الجبل الذي بظاهر مدينتك .
فالتفت الملك إلى الصياد وقال له : مسيرة كم يوم .
قال له : يا مولانا السلطان مسيرة نصف ساعة .
فتعجب السلطان وأمر بخروج العسكر من وقته مع الصياد فصار الصياد يلعن العفريت وساروا إلى أن طلعوا الجبل ونزلوا منه إلى برية متسعة لم يروها مدة أعمارهم والسلطان وجميع العسكر يتعجبون من تلك البرية التي نظروها بين أربع جبال والسمك فيها على أربعة ألوان أبيض وأحمر وأصفر وأزرق .
فوقف الملك متعجباً وقال للعسكر ولمن حضر : هل أحد منكم رأى هذه البركة في هذا المكان .
فقالوا كلهم : لا .
فقال الملك : والله لا أدخل مدينتي ولا أجلس على تخت ملكي حتى أعرف حقيقة هذه البركة وسمكها .
ثم أمر الناس بالنزول حول هذه الجبال فنزلوا ، ثم دعا بالوزير وكان وزيراً عاقلاً عالماً بالأمور ، فلما حضر بين يديه قال له :
إني أردت أن أعمل شيئاً فأخبرك به وذلك أنه خطر ببالي أن أنفرد بنفسي في هذه الليلة وأبحث عن خبر هذه البركة وسمكها ، فاجلس على باب خيمتي وقل للأمراء والوزراء والحجاب أن السلطان متشوش وأمرني أن لا أؤذن لأحد في الدخول عليه ولا تعلم أحد بقصدي .
فلم يقدر الوزير على مخالفته ، ثم أن الملك غير حالته وتقلد سيفه وانسل من بينهم ومشى بقية ليله إلى الصباح ، فلم يزل سائراً حتى اشتد عليه الحر فاستراح ثم مشى بقية يومه وليلته الثانية إلى الصباح فلاح له سواد من بعد ففرح وقال :
لعلي أجد من يخبرني بقضية البركة وسمكها ، فلما قرب من السواد وجده قصراً مبنياً بالحجارة السود مصفحاً بالحديد وأحد شقي بابه مفتوح والآخر مغلق .
ففرح الملك ووقف على الباب ودق دقاً لطيفاً فلم يسمع جواباً ، فدق ثانياً وثالثاً فلم يسمع جواباً ، فدق رابعاً دقاً مزعجاً فلم يجبه أحد ، فقال :
لا بد أنه خالي .
فشجع نفسه ودخل من باب القصر إلى دهليز ثم صرخ وقال : يا أهل القصر إني رجل غريب وعابر سبيل ، هل عندكم شيء من الزاد ?
وأعاد القول ثانياً وثالثاً فلم يسمع جواباً ، فقوي قلبه وثبت نفسه ودخل من الدهليز إلى وسط القصر فلم يجد فيه أحد ، غير أنه مفروش وفي وسطه فسقية عليها أربع سباع من الذهب تلقي الماء من أفواهها كالدر والجواهر وفي دائره طيور وعلى ذلك القصر شبكة تمنعها من الطلوع ، فتعجب من ذاك وتأسف حيث لم ير فيه أحد يستخبر منه عن تلك البركة والسمك والجبال والقصر ، ثم جلس بين الأبواب يتفكر وإذا هو بأنين من كبد حزين فسمعه يترنم بهذا الشعر :
لما خفيت ضنى ووجدي قد ظهر ........ والنوم من عيني تبدل بالسهـر
ناديت وجداً قد تزايد بي الفكـر ........ يا وجد لا تبقى علـي ولا تـذر
ها مهجتي بين المشقة والخطر
فلما سمع السلطان ذلك الأنين نهض قائماً وقصد جهته فوجد ستراً مسبولاً على باب مجلس فرفعه فرأى خلف الستر شاباً جالساً على سرير مرتفع عن الأرض مقدار ذراع ، وهو شاب مليح بقد رجيح ولسان فصيح وجبين أزهر وخداً أحمر وشامة على كرسي خده كترس من عنبر كما قال الشاعر :
ومهفهف من شعره وجبـينـه ........ مشت الورى في ظلمة وضياء
ما أبصرت عيناك أحسن منظر ........ فيما يرى من سـائر الأشـياء
كالشامة الخضراء فوق الوجنة ........ الحمراء تحت المقلة السـوداء
ففرح به الملك وسلم عليه والصبي جالس وعليه قباء حرير بطراز من ذهب لكن عليه أثر الحزن ، فرد السلام على الملك وقال له :
يا سيدي اعذرني عن عدم القيام .
فقال الملك : أيها الشاب أخبرني عن هذه البركة وعن سمكها الملون وعن هذا القصر وسبب وحدتك فيه وما سبب بكائك ?
فلما سمع الشاب هذا الكلام نزلت دموعه على خده وبكى بكاء شديداً ، فتعجب الملك وقال :
ما يبكيك أيها الشاب ?
فقال : كيف لا أبكي وهذه حالتي .
ومد يده إلى أذياله فإذا نصفه التحتاني إلى قدميه حجر ومن صرته إلى شعر رأسه بشر .
ثم قال الشاب : اعلم أيها الملك أن لهذا أمراً عجيباً لو كتب بالإبر على آفاق البصر لكان عبرة لمن اعتبر ، وذلك يا سيدي أنه كان والدي ملك هذه المدينة وكان اسمع محمود الجزائر السود وصاحب هذه الجبال الأربعة أقام في الملك سبعين عاماً ثم توفي والدي وتسلطنت بعده وتزوجت بابنة عمي وكانت تحبني محبة عظيمة بحيث إذا غبت عنها لا تأكل ولا تشرب حتى تراني ، فمكثت في عصمتي خمس سنين إلى أن ذهبت يوماً إلى الحمام فأمرت الطباخ أن يجهز لنا طعاماً لأجل العشاء ، ثم دخلت هذا القصر ونمت في الموضع الذي أنا فيه وأمرت جاريتين أن يروحا على وجهي فجلست واحدة عند رأسي والأخرى عند رجلي وقد قلقت لغيابها ولم يأخذني نوم غير أن عيني مغمضة ونفسي يقظانة .
فسمعت التي عند رأسي تقول للتي عند رجلي يا مسعودة إن سيدنا مسكين شبابه ويا خسارته مع سيدتنا الخبيثة الخاطئة .
فقالت الأخرى : لعن الله النساء الزانيات ولكن مثل سيدنا وأخلاقه لا يصلح لهذه الزانية التي كل ليلة تبيت في غير فراشه .
فقالت التي عند رأسي : إن سيدنا مغفل حيث لم يسأل عنها .
فقالت الأخرى : ويلك وهل عند سيدنا علم بحالها أو هي تخليه باختياره بل تعمل له عملاً في قدح الشراب الذي يشربه كل ليلة قبل المنام فتضع فيه البنج فينام ولم يشعر بما يجري ولم يعلم أين تذهب ولا بما تصنع لأنها بعدما تسقيه الشراب تلبس ثيابها وتخرج من عنده فتغيب إلى الفجر وتأتي إليه وتبخره عند أنفه بشيء فيستيقظ من منامه .
فلما سمعت كلام الجواري صار الضيا في وجهي ظلاماً وما صدقت أن الليل اقبل وجاءت بنت عمي من الحمام فمدا السماط وأكلنا وجلسنا ساعة زمنية نتنادم كالعادة ثم دعوت بالشراب الذي أشربه عند المنام فناولتني الكأس فراوغت عنه وجعلت أشربه مثل عادتي ودلقته في عبي ورقدت في الوقت والساعة وإذا بها قالت :
نم ليتك لم تقم ، والله كرهتك وكرهت صورتك وملت نفسي من عشرتك .
ثم قامت ولبست أفخر ثيابها وتبخرت وتقلدت سيفاً وفتحت باب القصر وخرجت .
فقمت وتبعتها حتى خرجت وشقت في أسواق المدينة إلى أن انتهت إلى أبواب المدينة فتكلمت بكلام لا أفهمه فتساقطت الأقفال وانفتحت الأبواب وخرجت وأنا خلفها وهي لا تشعر حتى انتهت إلى ما بين الكيمان وأتت حصناً فيه قبة مبنية بطين لها باب فدخلته هي وصعدت أنا على سطح القبة وأشرفت عليها اذا بها قد دخلت على عبد أسود إحدى شفتيه غطاء وشفته الثانية وطاء وشفاهه تلقط الرمل من الحصى وهي مبتلي وراقد على قليل من قش القصب فقبلت الأرض بين يديه .
فرفع ذلك العبد رأسه إليها وقال لها : ويلك ما سبب قعودك إلى هذه الساعة كان عندنا السودان وشربوا الشراب وصار كل واحد بعشيقته وأنا ما رضيت أن أشرب من شأنك .
فقالت : يا سيدي وحبيب قلبي أما تعلم أني متزوجة بابن عمي وأنا أكره النظر في صورته وأبغض نفسي في صحبته ، ولولا أني أخشى على خاطرك لكنت جعلت المدينة خراباً يصبح فيها البوم والغراب وأنقل حجارتها إلى جبل قاف .
فقال العبد : تكذبين يا عاهرة وأنا أحلف وحق فتوة السودان وإلا تكون مروءتنا مروءة البيضان ، إن بقيت تقعدي إلى هذا الوقت من هذا اليوم لا أصاحبك ولا أضع جسدي على جسدك ، يا خائنة تغيبين علي من أجل شهوتك يا منتنة يا أخت البيضان .
قال الملك : فلما سمعت كلامها وأنا أنظر بعيني ما جرى بينهما صارت الدنيا في وجهي ظلاماً ولم أعرف روحي في أي موضع وصارت بنت عمي واقفة تبكي إليه وتتدلل بين يديه وتقول له :
يا حبيبي وثمرة فؤادي ما أحد غيرك بقي لي فإن طردتني يا ويلي ، يا حبيبي يا نور عيني .
وما زالت تبكي وتضرع له حتى رضي عليها ففرحت قامت وقلعت ثيابها وقالت له :
يا سيدي هل عندك ما تأكله جاريتك .
فقال لها : اكشفي اللقان فإن تحتها عظام فيران مطبوخة فكليها وقرمشيها وقومي لهذه القوارة تجدين فيها بوظة فاشربيها .
فقامت وأكلت وشربت وغسلت يديها ، وجاءت فرقدت مع العبد على قش القصب وتعرت ودخلت معه تحت الهدمة والشرايط فلما نظرت هذه الفعال التي فعلتها بنت عمي وهممت أن أقتل الإثنين فضربت العبد أولاً على رقبته فظننت أنه قضي عليه .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .
فلما أصبح الصباح دخل الملك إلى محل الحكم واحتبك الديوان إلى آخر النهار ، ثم طلع الملك قصره فقالت لها أختها دنيازاد : تممي لنا حديثك .
قالت : حباً وكرامة .





إلى اللقاء مع الليله القادمه





 

 

 

 

 

 

 

 

 




 
قديممنذ /02-06-2016, 05:09 PM
  #10

 
الصورة الرمزية صلاح العطار

صلاح العطار غير متواجد حالياً

 
 رقم العضوية : 14210
 تاريخ التسجيل : Feb 2016
 الجنس : ذكر
 الدولة : Egypt
 مجموع المشاركات : 63
 النقاط : صلاح العطار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10
 قوة التقييم : 14


 

 

 

 

 
الليلة الثامنة




تكملة حكاية الصياد مع العفريت




قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد ، أن الشاب المسحور قال للملك :
لما ضربت العبد لأقطع رأسه قطعت الحلقوم والجلد واللحم فظننت أني قتلته فشخر شخيراً عالياً فتحركت بنت عمي وقامت بعد ذهابي فأخذت السيف وردته إلى موضعه وأتيت المدينة ودخلت القصر ورقدت في فراشي إلى الصباح ، ورأيت بنت عمي في ذلك اليوم قد قطعت شعرها ولبست ثياب الحزن وقالت :
يا ابن عمي لا تلمني فيما أفعله ، فإنه بلغني أن والدتي توفيت وأن والدي قتل في الجهاد ، وأن أخوي أحدهما مات ملسوعاً والآخر رديماً فيحق لي أن أبكي وأحزن .
فلما سمعت كلامها سكت عنها وقلت لها : افعلي ما بدا لك فإني لا أخالفك .
فمكثت في حزن وبكاء وعددي سنة كاملة من الحول إلى الحول ، وبعد السنة قالت لي :
أريد أن أبني في قصرك مدفناً مثل القبة وأنفرد فيه بالأحزان أسميه بيت الأحزان .
فقلت لها : افعلي ما بدا لك .
فبنت لها بيتاً للحزن في وسطه قبة ومدفناً مثل الضريح ثم نقلت العبد وأنزلته فيه وهو ضعيف جداً لا ينفعها بنافعة لكنه يشرب الشراب ، ومن اليوم الذي جرحته فيه ما يتكلم إلا أنه حي لأن أجله لم يفرغ فصارت كل يوم تدخل عليه القبة بكرة وعشياً وتبكي عنده ، وتعدد عليه وتسقيه الشراب والمساليق ولم تزل على هذه الحالة صباحاً ومساء إلى ثاني سنة وأنا أطول بالي عليها إلى أن دخلت عليها يوماً من الأيام ، على غفلة فوجدتها تبكي وتلطم وجهها وتقول هذه الأبيات :
عدمت وجودي في الورى بعد بعدكم ........ فإن فـؤادي لا يحـب سـواكـم
خذوا كرماً جسمي إلى أني ترتمـوا ........ وأين حللتم فادفنـونـي حـداكـم
وإن تذكروا اسمي عند قبري يجيبكم ........ أنين عظامي عند صوت نـداكـم
فلما فرغت من شعرها قلت لها وسيفي مسلول في يدي :
هذا كلام الخائنات اللاتي يسكرن المعشره ، ولا يحفظن الصحة .
وأردت أن أضربها فرفعت يدي في الهواء فقامت وقد علمت أني أنا الذي جرح العبد ثم وقعت على قدميها وتكلمت بكلام لا أفهمه ، وقالت جعل الله بسحري نصفك حجراً ونصفك الآخر بشراً ، فصرت كما ترى وبقيت لا أقوم ولا أقعد ولا أنا ميت ولا أنا حي .
فلما صرت هكذا سحرت المدينة وما فيها من الأسواق والغبطان وكانت مدينتنا أربعة أصناف مسلمين ونصارى ويهود ومجوس فسحرتهم سمكاً ، فالأبيض مسلمون والأحمر مجوس والأزرق نصارى والأصفر يهود وسحرت الجزائر الأربعة جبال وأحاطتها بالبركة ، ثم إنها كل يوم تعذبني ، وتضربني بسوط من الجلد مائة ضربة حتى يسيل الدم ثم تلبسني من تحت هذه الثياب ثوباً من الشعر على نصفي الفوقاني ثم أن الشاب بكى وأنشد :
صبراً لحكمك يا إله الـقـضـا ........ أنا صابر إن كان فيه لك الرضا
قد ضقت بالأسر الذي قد نابنـي ........ فوسباني آل النبي المرتـضـى
فعند ذلك التفت الملك إلى الشاب وقال له : أيها الشاب زدتني هماً على همي .
ثم قال له : وأين تلك المرأة .
قال : في المدفن الذي فيه العبد راقد في القبة وهي تجيء له كل يوم مرة وعند مجيئها تجيء إلى وتجردني من ثيابي وتضربني بالسوط مئة ضربة وأنا أبكي وأصيح ولم يكن في حركة حتى أدفعها عن نفسي ثم بعد أن تعاقبني تذهب إلى العبد بالشراب والمسلوقة بكرة النهار .
قال الملك : والله يا فتى لأفعلن معك معروفاً أذكر به وجميلاً يؤرخونه سيراً من بعدي .
ثم جلس الملك يتحدث معه إلى أن أقبل الليل ثم قام الملك وصبر إلى أن جاء وقت السحر فتجرد من ثيابه وتقلد سيفه ونهض إلى المحل الذي فيه العبد فنظر إلى الشمع والقناديل ورأى البخور والأدهان ثم قصد العبد وضربه فقتله ثم حمله على ظهره ورماه في بئر كانت في القصر ، ثم نزل ولبس ثياب العبد وهو داخل القبة والسيف معه مسلول في طوله ، فبعد ساعة أتت العاهرة الساحرة وعند دخولها جردت ابن عمها من ثيابه وأخذت سوطاً ، وضربته فقال :
آه يكفيني ما أنا فيه فارحميني .
فقالت : هل كنت أنت رحمتني وأبقيت لي معشوق .
ثم ألبسته اللباس الشعر والقماش من فوقه ثم نزلت إلى العبد ومعها قدح الشراب وطاسة المسلوقة ودخلت عليه القبة وبكت وولولت وقالت :
يا سيدي كلمني يا سيدي حدثني وأنشدت تقول :
فإلى متى هذا التجنب والـجـفـا ........ إن الذي فعل الغرام لقد كـفـى
كم قد تطيل الهجر لي معتـمـداً ........ إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى
ثم إنها بكت وقالت : يا سيدي كلمني وحدثني .
فخفض صوته ، وعوج لسانه وتكلم بكلام السودان وقال :
آه لا حول ولا قوة إلا بالله .
فلما سمعت كلامه صرخت من الفرح وغشي عليها ثم إنها استفاقت وقالت :
لعل سيدي صحيح .
فخفض صوته بضعف وقال : يا عاهرة أنت لا تستحقي أن أكلمك .
قالت : ما سبب ذلك .
قال : سببه أنك طول النهار تعاقبين زوجك وهو يصرخ ويستغيث حتى أحرمتيني النوم من العشاء إلى الصباح ، ولم يزل زوجك يتضرع ويدعو عليك حتى أقلقني صوته ولولا هذا لكنت تعافيت فهذا الذي منعني عن جوابك .
فقالت : عن إذنك أخلصه مما هو فيه .
فقال لها : خلصيه وأريحينا .
فقالت : سمعاً وطاعة .
ثم قامت وخرجت من القبة إلى القصر وأخذت طاسة ملأتها ماء ثم تكلمت عليها فصار الماء يغلي بالقدر ثم رشته منها وقالت :
بحق ما تلوته أن تخرج من هذه الصورة إلى صورتك الأولى .
فانتفض الشاب وقام على قدميه ، وفرح بخلاصه وقال :
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم قالت له : اخرج ولا ترجع إلى هنا وإلا قتلتك وصرخت في وجهه .
فخرج من بين يديها وعادت إلى القبة ونزلت وقالت :
يا سيدي اخرج إلي حتى أنظرك .
فقال لها بكلام ضعيف : أي شيء فعلتيه ، أرحتيني من الفرع ولم تريحيني من الأصل .
فقالت يا حبيبي وما هو الأصل قال : أهل هذه المدينة والأربع جزائر كل ليلة ، إذا انتصف الليل يرفع السمك رأسه ويدعو علي وعليك فهو سبب منع العافية عن جسمي ، فخلصيهم وتعالي خذي بيدي وأقيميني ، فقد توجهت إلى العافية .
فلما سمعت كلام الملك وهي تظنه العبد ، قالت له وهي فرحة :
يا سيدي على رأسي وعيني بسم الله .
ثم نهضت وقامت وهي مسرورة تجري وخرجت إلى البركة وأخذت من مائها قليلاً .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .



إلى اللقاء مع الليله القادمه




 

 

 

 

 

 

 

 

 




 
قديممنذ /02-06-2016, 05:10 PM
  #11

 
الصورة الرمزية صلاح العطار

صلاح العطار غير متواجد حالياً

 
 رقم العضوية : 14210
 تاريخ التسجيل : Feb 2016
 الجنس : ذكر
 الدولة : Egypt
 مجموع المشاركات : 63
 النقاط : صلاح العطار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10
 قوة التقييم : 14


 

 

 

 

 
الليلة التاسعة



تكملة حكاية الصياد مع العفريت
وبداية حكاية الحمال مع البنات






قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الصبية الساحرة ، لما أخذت شيئاً من هذه البركة وتكلمت عليه بكلام لا يفهم تحرك السمك ، ورفع رأسه وصار آدميين في الحال ، وانفك السحر عن أهل المدينة وأصبحت عامرة والأسواق منصوبة ، وصار كل واحد في صناعته وانقلبت الجبال جزائر ، كما كانت ثم أن الصبية الساحرة رجعت إلى الملك في الحال وهي تظن أنه العبد ، وقالت :
يا حبيبي ناولني يدك الكريمة أقبلها .
فقال الملك بكلام خفي : تقربي مني .
فدنت منه وقد أخذ صارمه وطعنها به في صدرها حتى خرج من ظهرها ثم ضربها فشقها نصفين وخرج فوجد الشاب المسحور واقفاً في انتظاره فهنأه بالسلامة وقبل الشاب يده وشكره فقال له الملك :
تقعد مدينتك أن تجيء معي إلى مدينتي ?
فقال الشاب : يا ملك الزمان أتدري ما بينك وبين مدينتك ?
فقال : يومان ونصف .
فعند ذلك قال له الشاب : إن كنت نائماً فاستيقظ إن بينك وبين مدينتك سنة للمجد وما أتيت في يومين ونصف إلا لأن المدينة كانت مسحورة وأنا أيها الملك لا أفارقك لحظة عين .
ففرح الملك بقوله ثم قال : الحمد لله الذي من علي بك فأنت ولدي لأني طول عمري لم أرزق ولداً .
ثم تعانقا وفرحا فرحاً شديداً ، ثم مشيا حتى وصلا إلى القصر وأخبر الملك الذي كان مسحوراً أرباب دولته أنه مسافر إلى الحج الشريف فهيئوا له جميع ما يحتاج إليه ثم توجه هو والسلطان وقلب السلطان ملتهب على مدينته حيث غاب عنها سنة .
ثم سافر ومعه خمسون مملوكاً ومعه الهدايا ، ولم يزالا مسافرين ليلاً ونهاراً سنة كاملة حتى أقبلا على مدينة السلطان .
فخرج الوزير والعساكر بعدما قطعوا الرجاء منه وأقبلت العساكر وقبلت الأرض بين يديه وهنؤه بالسلامة فدخل وجلس على الكرسي ثم أقبل على الوزير وأعلمه بكل ما جرى على الشاب ، فلما سمع الوزير ما جرى على الشاب هنأه بالسلامة .
ولما استقر الحال أنعم السلطان على أناس كثيرون ، ثم قال للوزير علي بالصياد الذي أتى بالسمك فأرسل إلى ذلك الصياد الذي كان سبباً لخلاص أهل المدينة فأحضره وخلع عليه وسأله عن حاله وهل له أولاد فأخبره أن له ابناً وبنتين فتزوج الملك بإحدى بنتيه وتزوج الشاب بالأخرى ، وأخذ الملك الإبن عنده وجعله خازندارا ، ثم أرسل الوزير إلى مدينة الشاب التي هي الجزائر السود وقلده سلطنتها وأرسل معه الخمسين مملوكا الذين جاؤوا معه وكثيراً من الخلع لسائر الأمراء . فقبل الوزير يديه وخرج مسافرا واستقر السلطان والشاب . وأما الصياد فإنه قد صار أغنى أهل زمانه وبناته زوجات الملوك إلى أن أتاهم الممات ، وما هذا بأعجب مما جرى للحمال .
فإنه كان إنسان من مدينة بغداد وكان حمالاً ، فبينما هو في السوق يوماً منا الأيام متكئاً على قفصه إذ وقفت عليه امرأة ملتفة بإزار موصلي من حرير مزركش بالذهب وحاشيتاه من قصب فرفعت قناعها فبان من تحته عيون سوداء بأهداب وأجفان وهي ناعمة الأطراف كاملة الأوصاف ، وبعد ذلك قالت بحلاوة لفظها :
هات قفصك واتبعني .
فحمل الحمال القفص وتبعها إلى أن وقفت على باب دار فطرقت الباب فنزل له رجل نصراني ، فأعطته ديناراً وأخذت منه مقداراً من الزيتون وضعته في القفص وقالت له : احمله واتبعني .
فقال الحمال : هذا والله نهار مبارك .
ثم حمل القفص وتبعها فوقفت عند دكان فاكهاني واشترت منه تفاحاً شامياً وسفرجلاً عثمانياً وخوخاً عمانياً وياسميناً حلبياً وبنو فراده شقياً وخياراً نيلياً وليموناً مصرياً وتمر حنا وشقائق النعمان وبنفسجاً ووضعت الجميع في قفص الحمال وقالت له : احمل .
فحمل وتبعها حتى وقفت على جزار وقالت له : اقطع عشرة أرطال لحمة .
فقطع لها ، ولفت اللحم في ورق موز ووضعته في القفص وقالت له : احمل يا حمال .
فحمل وتبعها ، ثم وقفت على النقلي وأخذت من سائر النقل وقالت للحمال : احمل واتبعني .
فحمل القفص وتبعها إلى أن وقفت على دكان الحلواني واشترت طبقاً وملأته جميع ما عنده من مشبك وقطايف وميمونة وأمشاط وأصابع ولقيمات القاضي ووضعت جميع أنواع الحلاوة في الطبق ووضعته في القفص .
فقال الحمال : لو أعلمتني لجئت معي ببغل تحمل عليه هذه الأشياء .
فتبسمت ، ثم وقفت على العطار واشترت منه عشرة مياه ماء ورد وماء زهر وخلافه وأخذت قدراً من السكر وأخذت ماء ورد ممسك وحصى لبان ذكر وعودا عنبر ومسكاً وأخذت شمعاً اسكندرانياً ووضعت الجميع في القفص وقالت للحمال : احمل قفصك واتبعني .
فحمل القفص وتبعها إلى أن أتت داراً مليحة وقدامها رحبة فسيحة وهي عالية البنيان مشيدة الأركان بابها صنع من الأبنوس مصفح بصفائح الذهب الأحمر ، فوقفت الصبية على الباب ودقت دقاً لطيفاً وإذا بالباب انفتح بشقتيه .
فنظر الحمال إلى من فتح لها الباب فوجدها صبية رشيقة القد قاعدة النهد ذات حسن وجمال وقد واعتدال وجبين كثغرة الهلال وعيون كعيون الغزلان وحواجب كهلال رمضان وخدود مثل شقائق النعمان وفم كخاتم سليمان ووجه كالبدر في الإشراق .
فلما نظر الحمال إليها سلبت عقله وكاد القفص أن يقع من فوق رأسه ، ثم قال :
ما رأيت عمري أبرك من هذا النهار .
فقالت الصبية البوابة للدلالة والحمال : مرحبا .
وهي من داخل الباب ومشوا حتى انتهوا إلى قاعة فسيحة مزركشة مليحة ذات تراكيب وشاذر وأثاث ومصاطب وسدلات وخزائن عليها الستور مرخيات ، وفي وسط القاعة سرير من المرمر مرصع بالدر والجوهر منصوب عليه ناموسية منا الأطلس الأحمر ومن داخله صبية بعيون بابلية وقامة ألفية ووجه يخجل الشمس المضيئة ، فكأنها بعض الكواكب الدرية أو عقيلة عربية كما قال فيها الشاعر :
من قاس قدك بالغصن الرطيب فقد ........ أضحى القياس به زوراً وبهتانـا
الغصن أحسن ما تلقاه مكتـسـبـاً ........ وأنت أحسن ما تلقـاه إنـسانـا
فنهضت الصبية الثالثة من فوق السرير وخطرت قليلاً إلى أن صارت في وسط القاعة عند أختيها وقالت :
ما وقوفهم ، حطوا عن رأس هذا الحمال المسكين .
فجاءت الدلالة من قدامه والبوابة من خلفه ، وساعدتهما الثالثة وحططن عن الحمال وأفرغن ما في القفص وصفوا كل شيء في محله وأعطين الحمال دينارين وقلن له :
توجه يا حمال .
فنظر إلى البنات وما هن فيه من الحسن والطبائع الحسان فلم ير أحسن منهن ولكن ليس عندهن رجال .
ونظر ما عندهن من الشراب والفواكه والمشمومات وغير ذلك فتعجب غاية العجب ووقف عن الخروج ، فقالت له الصبية :
ما بالك لا تروح ? هل أنت استقللت الأجرة .
والتفتت إلى أختها وقالت لها : أعطيه ديناراً آخر .
فقال الحمال : والله يا سيداتي إن أجرتي نصفان ، وما استقللت الأجرة وإنما اشتغل قلبي وسري بكن وكيف حالكن وأنتن وحدكن وما عندكن رجال ولا أحد يؤانسكن وأنتن تعرفن أن المنارة لا تثبت إلا على أربعة وليس لكن رابع ، وما يكمل حظ النساء إلا بالرجال كما قال الشاعر :
انظر إلى أربع عندي قد اجتمعت ........ جنك وعود وقانون ومـزمـار
أنتن ثلاثة فتفتقرن إلى رابع يكون رجلاً عاقلاً لبيباً حاذقاً وللأسرار كاتماً .
فقلن له : نحن بنات ونخاف أن نودع السر عند من لا يحفظه ، وقد قرأنا في الأخبار شعراً :
صن عن سواك السر لا تودعنه ........ من أودع السر فقد ضـيعـه
فلما سمع الحمال كلامهن قال : وحياتكن أني رجل عاقل أمين قرأت الكتب وطالعت التواريخ ، أظهر الجميل وأخفي القبيح وأعمل بقول الشاعر :
لا يكتم السر إلا كل ذي ثـقة ........ والسر عند خيار الناس مكتوم
السر عندي في بيت له غلـق ........ ضاعت الفاتحة والباب مختوم
فلما سمعت البنات الشعر والنظام وما أبداه من الكلام قلن له :
أنت تعلم أننا غرمنا على هذا المقام جملة من المال فهل معك شيء تجازينا به ، فنحن لا ندعك تجلس عندنا حتى تغرم مبلغنا من المال لأن خاطرك أن تجلس عندنا وتصير نديمنا وتطلع على وجوهنا الصباح الملاح .
فقالت صاحبة الدار : وإذا كانت بغير المال محبة فلا تساوي وزن حبة .
وقالت البوابة إن يكن معك شيء رح بلا شيء .
فقالت الدلالة : يا أختي نكف عنه فوالله ما قصر اليوم معنا ولو كان غيره ما طول روحه علينا ومهما جاء عليه أغرمه عنه .
ففرح الحمال وقال : والله ما استفتحت بالدراهم إلا منكن .
فقلن له اجلس على الرأس والعين وقامت الدلالة وشدت وسطها وصبت القناني وروقت المدام وعملت الخضرة على جانب البحر وأحضرت ما يحتاجون إليه ثم قدمت وجلست هي وأختها وجلس الحمال بينهن وهو يظن أنه في المنام .
ولم يزل الحمال معهن في عناق وتقبيل وهذه تكلمه وهذه تجذبه وهذه بالمشموم تضربه وهو معهن حتى لعبت الخمرة بعقولهم .
فلما تحكم الشراب معهم قامت البوابة وتجردت من ثيابها ثم رمت نفسها في تلك البحيرة ولعبت في الماء وأخذت الماء في فمها وبخت الحمال ثم قامت الثانية وخلعت ثيابها ورمت نفسها في تلك البحيرة وعملت مثل الأولى ثم قامت الثالثة وخلعت ثيابها ونزلت تلك البحيرة وفعلت مثل من قبلها ثم بعد ساعة قام الحمال ونزع ثيابه ونزل البحيرة وهو يسبح في الماء وغسل مثل ما غسلن ، وأخذوا في اللهو سوياً وفعل المعاصي والفحشاء ..

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .




إلى اللقاء مع الليله القادمه




 

 

 

 

 

 

 

 

 




 
قديممنذ /02-06-2016, 05:11 PM
  #12

 
الصورة الرمزية صلاح العطار

صلاح العطار غير متواجد حالياً

 
 رقم العضوية : 14210
 تاريخ التسجيل : Feb 2016
 الجنس : ذكر
 الدولة : Egypt
 مجموع المشاركات : 63
 النقاط : صلاح العطار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10
 قوة التقييم : 14


 

 

 

 

 
الليلة العاشرة
تكمله حكاية الحمال مع البنات


قالت دنيازاد لأختها شهرزاد : يا أختي أتمي لنا حديثك .
قالت : حباً وكرامة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنهن لم يزلن يتضاحكن ويتلاعبن حتى استلقين على ظهورهن ثم عادوا إلى منادمتهم ولم يزالوا كذلك إلى أن أقبل الليل عليهم فقلن للحمال :
توجه وأرنا عرض أكتافك .
فقال الحمال : والله خروج الروح أهون من الخروج من عندكن ، دعونا نصل الليل بالنهار وكل منا يروح في حال سبيله .
فقالت الدلالة : بحياتي عندكن تدعنه ينام عندنا نضحك عليه فإنه خليع ظريف .
فقلن له : تبيت عندنا بشرط أن تدخل تحت الحكم ومهما رأيته لا تسأل عنه ولا عن سببه .
فقال : نعم .
فقلن : قم واقرأ ما على الباب مكتوباً .
فقام إلى الباب فوجد مكتوباً عليه بماء الذهب : لا تتكلم فيما لا يعنيك تسمع ما لا يرضيك .
فقال الحمال : اشهدوا أني لا أتكلم فيما لا يعنيني .
ثم قامت الدلالة وجهزت لهم مأكولاً ثم أوقدوا الشمع والعود وقعدوا في أكل وشرب وإذا هم سمعوا دق الباب فلم يختل نظامهم فقامت واحدة منهن إلى الباب ثم عادت وقالت :
كمل صفاؤنا في هذه الليلة لأني وجدت بالباب ثلاثة أعجام ذقونهم محلوقة وهم عور بالعين الشمال وهذا من أعجب الاتفاق ، وهم ناس غرباء قد حضروا من أرض الروم ولكل واحد منهم شكل وصورة مضحكة ، فإن دخلوا نضحك عليهم .
ولم تزل تتلطف بصاحبتيها حتى قالتا :
لها دعيهم يدخلون واشترطي عليهم أن لا يتكلموا في ما لا يعنيهم فيسمعوا ما لا يرضيهم .
ففرحت وزاحت ثم عادت ومعها الثلاثة العور ذقونهم محلوقة وشواربهم مبرومة ممشوقة وهم صعاليك فسلموا فقام لهم البنات وأقعدوهم فنظر الرجال الثلاثة إلى الحمال فوجدوه سكران فلما عاينوه ظنوا أنه منهم وقالوا :
هو صعلوك مثلنا يؤانسنا .
فلما سمع الحمال هذا الكلام قام وقلب عينيه وقال لهم : اقعدوا بلا فضول أما قرأتم ما على الباب .
فضحك البنات وقلن لبعضهن : إننا نضحك على الصعاليك والحمال .
ثم وضعن الأكل للصعاليك فأكلوا ثم جلسوا يتنادمون والبوابة تسقيهم .
ولما دار الكأس بينهم قال الحمال للصعاليك : يا إخواننا هل معكم حكاية أو نادرة تسلوننا بها .
فدبت فيهم الحرارة وطلبوا آلات اللهو فأحضرت لهم البوابة دف موصلياً وعوداً عراقياً وجنكاً عجمياً فقام الصعاليك واقفين وأخذ واحد منهم الدف ، وأخذ واحد العود ، وأخذ واحد الجنك وضربوا بها وغنت البنات وصار لهم صوت عال . فبينما هم كذلك وإذا بطارق يطرق الباب ، فقامت البوابة لتنظر من بالباب وكان السبب في دق الباب أن في تلك الليلة نزل هارون الرشيد لينظر ويسمع ما يتجدد من الأخبار هو وجعفر وزيره وسياف نقمته ، وكان من عادته أن يتنكر في صفة التجار .
فلما نزل تلك الليلة ومشى في المدينة جاءت طريقهم على تلك الدار فسمعوا آلات الملاهي فقال الوزير جعفر :
هؤلاء قوم قد دخل السكر فيهم ونخشى أن يصيبنا منهم شر .
فقال هارون الرشيد : لابد من دخولنا وأريد أن نتحايل حتى ندخل عليهم .
فقال جعفر : سمعاً وطاعة .
ثم تقدم جعفر وطرق الباب فخرجت البوابة وفتحت الباب ، فقال لها :
يا سيدتي نحن تجار من طبرية ولنا في بغداد عشرة أيام ومعنا تجارة ونحن نازلون في خان التجار وعزم علينا تاجر في هذه الليلة فدخلنا عنده وقدم لنا طعاماً فأكلنا ثم تنادمنا عنده ساعة ، ثم أذن لنا بالانصراف فخرجنا بالليل ونحن غرباء فتهنا عن الخان الذي نحن فيه فنرجو من مكارمكم أن تدخلونا هذه الليلة نبيت عندكم ولكم الثواب .
فنظرت البوابة إليهم فوجدتهم بهيئة التجار وعليهم الوقار فدخلت لصاحبتيها وشاورتهما فقالتا لها : أدخليهم .
فرجعت وفتحت لهم الباب فقالوا : ندخل بإذنك .
قالت : ادخلوا .
فدخل الخليفة وجعفر ومسرور فلما أتتهم البنات قمن لهم وخدمنهم وقلن :
مرحباً وأهلاً وسهلاً بضيوفنا ، ولنا عليكم شرط أن لا تتكلموا فيما لا يعنيكم فتسمعوا ما لا يرضيكم .
قالوا : نعم .
وبعد ذلك جلسوا للشراب والمنادمة فنظر الخليفة إلى الصعاليك الثلاثة فوجدهم عور العين الشمال فتعجب منهم ونظر إلى البنات وما هم فيه من الحسن والجمال فتحير وتعجب ، واستمر في المنادمة والحديث وأتين الخليفة بشراب فقال :
أنا حاج وانعزل عنهم .
فقامت البوابة وقدمت له سفرة مزركشة ووضعت عليها بمطية من الصيني وسكبت فيها ماء الخلاف وأرخت فيه قطعة من الثلج ومزجته بسكر فشكرها الخليفة وقال في نفسه :
لا بد أن أجازيها في غد على فعلها من صنيع الخير .
ثم اشتغلوا بمنادمتهم ، فلما تحكم الشراب قامت صاحبة البيت وخدمتهم ، ثم أخذت بيد الدلالة وقالت :
يا أختي قومي بمقتضى ديننا .
فقالت لها : نعم .
فعند ذلك قامت البوابة وأطلعت الصعاليك خلف الأبواب قدامهن وذلك بعد أن أخلت وسط القاعة ونادين الحمال وقلن له :
ما أقل مودتك ما أنت غريب بل أنت من أهل الدار .
فقام الحمال وشد أوسطه وقال : ما تردن فلن تقف مكانك .
ثم قامت الدلالة وقالت للحمال : ساعدني .
فرأى كلبتين من الكلاب السود في رقبتيهما جنازير فأخذهما الحمال ودخل بهما إلى وسط القاعة فقامت صاحبة المنزل وشمرت عن معصميها وأخذت سوطاً وقالت للحمال :
قوم كلبه منهما .
فجرها في الجنزير وقدمها والكلبة تبكي وتحرك رأسها إلى الصبية فنزلت عليها الصبية بالضرب على رأسها والكلبة تصرخ وما زالت تضربها حتى كلت سواعدها فرمت السوط من يدها ثم ضمت الكلبة إلى صدرها ومسحت دموعها وقبلت رأسها ثم قالت للحمال :
ردها وهات التالية .
فجاء بها وفعلت بها مثل ما فعلت بالأولى .
فعند ذلك اشتعل قلب الخليفة وضاق صدره وغمز جعفر أن يسألها ، فقال له بالإشارة اسكت ، ثم التفتت صاحبة البيت للبوابة وقالت لها :
قومي لقضاء ما عليك .
قالت : نعم .
ثم إن صاحبة البيت صعدت على سرير من المرمر مصفح بالذهب والفضة وقالت للبوابة والدلالة :
ائتيا بما عندكما .
فأما البوابة فإنها صعدت على سرير بجانبها وأما الدلالة فإنها دخلت مخدعاً وأخرجت منه كيساً من الأطلس بأهداب خضر ووقفت قدام الصبية صاحبة المنزل ونفضت الكيس وأخرجت منه عوداً وأصلحت أوتاره وأنشدت هذه الأبيات :
ردوا على جفني النوم الذي سلـبـا ........ وخبروني بعـقـلـي آية ذهـبـا
علمت لما رضيت الحب مـنـزلة ........ إن المنام على جفني قد غصـبـا
قالوا عهدناك من أهل الرشاد فما ........ أغواك قلت اطلبوا من لحظة السببا
إني له عن دمي المسفوك معتـذر ........ أقول حملته في سفكـه تـعـبـا
ألقى بمرآة فكري شمس صورته ........ فعكسها شب في أحشائي اللهبـا
من صاغه الله من ماء الحياة وقد ........ أجرى بقيته في ثغـره شـنـبـا
ماذا ترى في محب ما ذكرت لـه ........ إلا شكى أو بكى أو حن أو أطربا
يرى خيالك في المـاء الـذلال إذا ........ رام الشراب فيروى وهو ما شربا
وأنشدت أيضاً :
سكرت من لحظه لا من مدامته ........ ومال بالنوم عن عيني تمايلـه
فما السلاف سلتني بل سوالفـه ........ وما الشمل شلتني بل شمائلـه
فلما سمعت الصبية ذلك ، قالت :
طيبك الله .
ثم شقت ثيابها ووقعت على الأرض مغشياً عليها ، فلما انكشف جسدها رأى الخليفة أثر ضرب المقارع والسياط فتعجب من ذلك غاية العجب فقامت البوابة ورشت الماء على وجهها وأتت إليها بحلة وألبستها إياها ، فقال الخليفة لجعفر :
أما تنظر إلى هذه المرأة وما عليها من أثر الضرب ، فأنا لا أقدر أن أسكت على هذا وما أستريح إلا إن وقفت على حقيقة خبر هذه الصبية وحقيقة خبر هاتين الكلبتين .
فقال جعفر : يا مولانا قد شرطوا علينا شرطاً وهو أن لا نتكلم فيما لا يعنينا فنسمع ما لا يرضينا .
ثم قامت الدلالة فأخذت العود وأسندته إلى نهدها ، وغمزته بأناملها وأنشدت تقول :
إن شكونا الهوى فمـاذا تـقـول ........ أو تلفنا شوقاً فماذا الـسـبـيل
أو بعثنا رسلاً نتـرجـم عـنـا ........ ما يؤدي شكوى المحب رسـول
أو صبرنا فما لنـا مـن بـقـاء ........ بعد فقد الأحـبـاب إلا قـلـيل
ليس إلا تـأسـفـاً ثـم حـزنـاً ........ ودموعاً على الخـدود تـسـيل
أيها الغائبون عن لمـح عـينـي ........ وعم في الفؤاد منـي حـلـول
هل حفظتم لدى الهوى عهد صب ........ ليس عنه مدى الزمـان يحـول
أم نسيتم على التبـاعـد صـبا ........ شفه فبكم الضنى والـنـحـول
وإذا الحشر ضمنـا أتـمـنـى ........ من لدن وبنا حسـابـاً يطـول
فلما سمعت المرأة الثانية شعر الدلالة شقت ثيابها كما فعلت الأولى ، وصرخت ثم ألقت نفسها على الأرض مغشياً عليها ، فقامت الدلالة وألبستها حلة ثانية بعد أن رشت الماء على وجهها ثم قامت المرأة الثالثة وجلست على سرير وقالت للدلالة :
غني لي لا في ديني فما بقي غير هذا الصوت .
فأصلحت الدلالة العود وأنشدت هذه الأبيات :
فإلى متى هذا الصدود وذا الجفـا ........ فلقد جوى من أدمعي ما قد كفى
كم قد أطلت الهجر لي معتـمـداً ........ إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى
لو أنصف الدهر الخؤون لعاشـق ........ ما كان يوم العواذل منـصـفـا
فلمن أبوح بصبوتي يا قـاتـلـي ........ يا خيبة الشاكي إذا فقـد الـوفـا
ويزيد وجدي في هواك تلـهـفـاً ........ فمتى وعدت ولا رأيتك مخلـفـا
يا مسلمون خذوا بـنـار مـتـيم ........ ألف الشهادة لديه طرف ما غفـا
أيحل في شرع الغرام تـذلـلـي ........ ويكون غيري بالوصال مشرفـا
ولقد كلفت بحبـكـم مـتـلـذذاً ........ وغدا عذولي في الهوى متكلفـا
فلما سمعت المرأة الثالثة قصيدتها صرخت وشقت ثيابها وألقت نفسها على الأرض مغشياً عليها فلما انكشف جسدها ظهر فيه ضرب المقارع ، مثل من قبلها فقال الصعاليك :
ليتنا ما دخلنا هذه الدار وكنا بتنا على الكيمان ، فقد تكدر مبيتنا هنا بشيء يقطع الصلب .
فالتفت الخليفة إليهم وقال لهم : لم ذلك .
قالوا : قد اشتغل سرنا بهذا الأمر .
فقال الخليفة : أما أنتم من هذا البيت .
قالوا : لا ولا ظننا هذا الموضع إلا للرجل الذي عندكم .
فقال الحمال : والله ما رأيت هذا الموضع إلا هذه الليلة وليتني بت على الكيمان ولم أبت فيه .
فقال الجميع : نحن سبعة رجال وهن ثلاث نسوة وليس لهن رابعة فنسألهن عن حالهن فإن لم يجبننا طوعاً أجبننا كرهاً واتفق الجميع على ذلك .
فقال جعفر : ما هذا رأي سديد دعوهن فنحن ضيوف عندهن وقد شرطن علينا ، شرطاً فنوفي به ولم يبق من الليل إلا القليل وكل منا يمضي إلى حال سبيله .
ثم إنه غمز الخليفة وقال : ما بقي غير ساعة ، وفي غد تحضرهن بين يديك ، فتسألهن عن قصتهن .
فأبى الخليفة وقال : لم يبق لي صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال
ثم قالوا : ومن يسألهن .
فقال بعضهم : الحمال .
ثم قال لهم النساء : يا جماعة في أي شيء تتكلمون .
فقال الحمال لصاحبة البيت : يا سيدتي سألتك بالله وأقسم عليك به أن تخبرينا عن حال الكلبتين ، وأي سبب تعاقبيهما ثم تعودين تبكين ، وتقبليهما وأن تخبرينا عن سبب ضرب أختك بالمقارع وهذا سؤالنا والسلام .
فقالت صاحبة المكان للجماعة : ما يقوله عنكم .
فقال الجميع : نعم .
إلا جعفر فإنه سكت .
فلما سمعت الصبية كلامهم قالت : والله لقد آذيتمونا يا ضيوفنا ، الأذية البالغة ، وتقدم لنا أننا شرطنا عليكم أن من تكلم فيما لا يعنيه ، سمع ما لا يرضيه أما كفا أننا أدخلناكم منزلنا وأطعمناكم زادنا ولكن لا ذنب لكم وإنما الذنب لمن أوصلكم إلينا .
ثم شمرت عن معصمها وضربت الأرض ثلاث ضربات وقالت عجلوا .
وإذا بباب خزانة قد فتح وخرج منها سبعة عبيد بأيديهم سيوف مسلولة وقالت :
كتفوا هؤلاء الذين كثر كلامهم واربطوا بعضهم ببعض .
ففعلوا وقالوا : أيتها المخدرة ائذني لنا في ضرب رقابهم .
فقالت : أمهلوهم ساعة حتى أسألهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم .
فقال الحمال : بالله يا سيدتي لا تقتليني بذنب الغير فإن الجميع أخطأوا ، ودخلوا في الذنب ، إلا أنا والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لأخربوها ، ثم أنشد يقول :
ما أحسن الغفران من قادر ........ لا سيما عن غير ذي ناصر
بحرمة الود الذي بـينـنـا ........ لا تقتلي الأول بـالآخـر
فلما فرغ الحمال من كلامه ضحكت الصبية .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .





إلى اللقاء مع الليله القادمه




 

 

 

 

 

 

 

 

 




 
قديممنذ /02-06-2016, 05:13 PM
  #13

 
الصورة الرمزية صلاح العطار

صلاح العطار غير متواجد حالياً

 
 رقم العضوية : 14210
 تاريخ التسجيل : Feb 2016
 الجنس : ذكر
 الدولة : Egypt
 مجموع المشاركات : 63
 النقاط : صلاح العطار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10
 قوة التقييم : 14


 

 

 

 

 
الليلة الحادية عشرة

تكمله حكاية الحمال مع البنات

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الصبية لما ضحكت بعد غيظها ، أقبلت على الجماعة وقالت :
أخبروني بخبركم فما بقي من عمركم إلا ساعة ولولا أنتم أعزاء .
فقال الخليفة : ويلك يا جعفر عرفها بنا وإلا تقتلنا .
فقال جعفر : من بعض ما نستحق .
فقال له الخليفة : لا ينبغي الهزل في وقت الجد كل منهم له وقت .
ثم أن الصبية أقبلت على الصعاليك ، وقالت لهم : هل أنتم أخوة ؟
فقالوا : لا والله ما نحن إلا فقراء الحجام .
فقالت لواحد منهم : هل أنت ولدت أعور ؟
فقال : لا والله وإنما جرى لي أمر غريب حيت تلفت عيني ولهذا الأمر حكاية لو كتبت بالإبر على أفاق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر .
فسألت الثاني والثالث فقالا لها مثل الأول ثم قالوا : أن كل منا من بلد وأن حديثنا عجيب وأمرنا غريب .
فالتفتت الصبية لهم ، وقالت : كل واحد منكم يحكي حكايته وما سبب مجيئه إلى مكاننا ثم يملس على رأسه ويروح إلى حال سبيله .
فأول من تقدم الحمال ، فقال : يا سيدتي أنا رجل حمال حملتني هذه الدلالة وأتت بي إلى هنا وجرى لي معكم ما جرى وهذا حديثي والسلام .
فقالت له : ملس على رأسك وروح .
فقال : والله ما أروح حتى أسمع حديث رفقائي .
فتقدم الصعلوك الأول وقال لها : يا سيدتي ، إن سبب حلق ذقني وتلف عيني أن والدي كان ملكاً وله أخ وكان أخوه ملكاً على مدينة أخرى واتفق أن أمي ولدتني في اليوم الذي ولد فيه ابن عمي ، ثم مضت سنون وأعوام ، وأيام حتى كبرنا وكنت أزور عمي في بعض السنين وأقعد عنده أشهر عديدة فزرته مرة فأكرمني غاية الإكرام وذبح لي الأغنام وروق لي المدام وجلسنا للشراب فلما تحكم الشراب فينا قال ابن عمي :
يا ابن عمي إن لي عندك حاجة مهمة .
فاستوثق مني بالإيمان العظام ونهض من وقته وساعته وغاب قليلاً ، ثم عاد وخلفه امرأة مزينة مطيبة وعليها من الحلل ما يساوي مبلغاً عظيماً .
فالتفت إلي والمرأة خلفه ، وقال : خذ هذه المرأة واسبقني على الجبانة الفلانية .
ووصفها لي فعرفتها وقال : ادخل بها التربة وانتظرني هناك .
فلم يمكني المخالفة ولم أقدر على رد سؤاله لأجل الذي حلفته فأخذت المرأة وسرت إلى أن دخلت التربة أنا وإياها فلما استقر بنا الجلوس جاء ابن عمي ومعه طاسة فيها ماء وكيس فيه جبس وقدوم ثم إنه أخذ القدوم وجاء إلى قبر في وسط التربة ففكه ونقض أحجاره إلى ناحية التربة ، ثم حفر بالقدوم في الأرض ، حتى كشف عن طابق قدر الباب الصغير فبان من تحت الطابق سلم معقود .
لم ألتفت إلى المرأة بالإشارة وقال لها : دونك وما تختارين به .
فنزلت المرأة على ذلك السلم ، ثم التفت إلي وقال : يا ابن عمي تمم المعروف إذا نزلت أنا في ذلك الموضع فرد الطابق ورد عليه التراب كما كان وهذا تمام المعروف وهذا الجبس الذي في الكيس وهذا الماء الذي في الطاسة أعجن منه الجبس وجبس القبر في دائر الأحجار كما كان أول حتى لا يعرفه أحد ولا يقول هذا فتح جديد وتطيينه عتق لأن لي سنة كاملة ، وأنا أعمل فيه ، وما يعلم به إلا الله وهذه حاجتي عندك .
ثم قال لي : لا أوحش الله منك ، يا ابن عمي .
ثم نزل على السلم .
فلما غاب عني قمت ورددت الطابق وفعلت ما أمرني به حتى صار القبر كما كان ثم رجعت إلى قصر عمي ، وكان عمي في الصيد والقنص فنمت تلك الليلة فلما أصبح الصباح تذكرت الليلة الماضية وما جرى فيها بيني وبين ابن عمي وندمت على ما فعلت معه حيث لا ينفع الندم .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .




إلى اللقاء مع الليله القادمه




 

 

 

 

 

 

 

 

 




 
قديممنذ /02-06-2016, 05:15 PM
  #14

 
الصورة الرمزية صلاح العطار

صلاح العطار غير متواجد حالياً

 
 رقم العضوية : 14210
 تاريخ التسجيل : Feb 2016
 الجنس : ذكر
 الدولة : Egypt
 مجموع المشاركات : 63
 النقاط : صلاح العطار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10
 قوة التقييم : 14


 

 

 

 

 
الليلة الثانية عشرة


تكمله حكاية الحمال مع البنات


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية :
ثم خرجت إلى المقابر وفتشت على التربة فلم أعرفها ولم أزل أفتش حتى أقبل الليل ولم أهتد إليها فرجعت إلى القصر لم آكل ولم أشرب وقد اشتغل خاطري بابن عمي من حيث لا أعلم له حالاً فاغتممت غماً شديداً وبت ليلتي مغموماً ، إلى الصباح فجئت ثانياً إلى الجبانة وأنا أتفكر فيما فعله ابن عمي ، وندمت على سماعي منه وقد فتشت في الترب جميعاً فلم أعرف تلك التربة ، ولازمت التفتيش سبعة أيام فلم أعرف له طريقاً .
فزاد بي الوسواس حتى كدت أن أجن فلم أجد فرجاً دون أن سافرت ، ورجعت عليه ، فساعة وصولي إلى مدينة أبي نهض إلى جماعة من باب المدينة وكتفوني فتعجبت كل العجب إني ابن سلطان المدينة وهم خدم أبي وغلماني ، ولحقني منهم خوف زائد ، فقلت في نفسي يا ترى أجرى على والدي وصرت أسأل الذين كنفوني عن سبب ذلك فلم يردوا علي جواباً .
ثم بعد حين قال لي بعضهم وكان خادماً عندي ، إن أباك قد غدر به الزمان وخانته العساكر وقتله الوزير ونحن نترقب وقوعك ، فأخذوني وأنا غائب عن الدنيا بسبب هذه الأخبار التي سمعتها عن أبي فلما تمثلت بين يدي الوزير الذي قتل أبي وكان بيني وبينه عداوة قديمة وسبب تلك العداوة أني كنت مولعاً بضرب البندقية فاتفق أني كنت واقفاً يوماً من الأيام على سطح قصر وإذا بطائر نزل على سطح قصر الوزير وكان واقفاً هناك ، فأردت أن أضرب الطير وإذا بالبندقية أخطأت عين الوزير ، فأتلفتها بالقضاء والقدر كما قال الشاعر :
دع الأقدار تفعل ما تـشـاء ........ وطب نفساً بما فعل القضاء
ولا تفرح ولا تحزن بشيء ........ فإن الشيء ليس له بـقـاء
وكما قال الآخر :
مشينا خطا كتبـت عـلـينـا ........ ومن كتب عليه خطاً مشاهـا
ومن كانت منـيتـه بـأرض ........ فليس يموت في أرض سواها
ثم قال ذلك الصعلوك : فلما أتلفت عين الوزير لم يقدر أن يتكلم لأن والدي كان ملك المدينة فهذا سبب العداوة التي بيني وبينه فلما وقفت قدامه ، وأنا مكتف أمر فضرب عنقي فقلت :
أتقتلني بغير ذنب ؟
فقال : أي ذنب أعظم من هذا ؟
وأشار إلى عينه المتلفة ، فقلت له : فعلت ذلك خطأ .
فقال : إن كنت فعلته خطأ فأنا أفعله بك عمداً .
ثم قال : قدموه بين يدي .
فقدموني بين يديه ، فمد إصبعه في عيني الشمال فأتلفها فصرت من ذلك الوقت أعور كما تروني ، ثم كتفني ووضعني في صندوق وقال للسياف :
تسلم هذا وأشهر حسامك ، وخذه واذهب به إلى خارج المدينة واقتله ودعه للوحوش تأكله .
فذهب بي السياف وصار حتى خرج من المدينة ، وأخرجني من الصندوق وأنا مكتوف اليدين مقيد الرجلين وأراد أن يغمي عيني ويقتلني فبكيت وأنشدت هذه الأبيات :
جعلتكموا درعاً حصيناً لتمنعوا ........ سهام العدا عني فكنتم نصالها
وكنت أرجي عند كل مـلـمة ........ تخص يميني أن تكون شمالها
دعوا قصة العذال عني بمعزل ........ وخلوا العدا ترمي إلي نبالهـا
إذا لم تقوا نفسي مكايدة العـدا ........ فكونوا سكوتاً لا عليها ولا لها
وأنشدت أيضاً هذه الأبيات :
وإخوان اتخذتـهـم دروعـاً ........ فكانوها ولكن لـلأعـادي
رحلتهم سهامـاً صـائبـات ........ فكانوا ولكن فـي فـؤادي
وقالوا قد سعينا كل سـعـي ........ لقد صدقوا ولكن في فسادي
فلما سمع السياف شعري وكان سياف أبي ولي عليه إحسان ، قال :
يا سيدي كيف أفعل وأنا عبد مأمور .
ثم قال لي : فر بعمرك ولا تعد إلى هذه المدينة فتهلك وتهلكني معك كما قال الشاعر :
ونفسك فر بها إن خفت ضيماً ........ وخل الدار تنعي من بناهـا
فإنك واحد أرضـاً بـأرض ........ ونفسك لم تجد نفساً سواهـا
عجبت لمن يعيش بـدار ذل ........ وأرض الله واسعة فـلاهـا
وما غلظت رقاب الأسد حتى ........ بأنفسها تولت ما عـنـاهـا
فلما قال ذلك قبلت يديه وما صدقت حتى فررت وهان علي تلف عيني بنجاتي من القتل ، وسافرت حتى وصلت إلى مدينة عمي فدخلت عليه وأعلمته بما جرى لوالدي ، وبما جرى لي من تلف عيني فبكى بكاء شديداً وقال :
لقد زدتني هماً على همي وغماً على غمي ، فإن ابن عمك قد فقد منذ أيام ولم أعلم بما جرى له ولم يخبرني أحد بخبره .
وبكى حتى أغمي عليه فلما استفاق قال :
يا ولدي قد حزنت على ابن عمك حزناً شديداً وأنت زدتني بما حصل لك ولأبيك ، غماً على غمي ، ولكن يا ولدي بعينك ولا بروحك .
ثم إنه لم يمكني السكوت عن ابن عمي الذي هو ولده فأعلمته بالذي جرى له كله ففرح عمي بما قلته له فرحاً شديداً عند سماع خبر ابنه ، وقال :
أرني التربة .
فقلت : والله يا عمي لم أعرف مكانها لأني رجعت بعد ذلك مرات لأفتش عليها فلم أعرف مكانها .
ثم ذهبت أنا وعمي إلى الجبانة ، ونظرت يميناً وشمالاً فعرفتها ففرحت أنا وعمي فرحاً شديداً ودخلت أنا وإياه التربة وأزحنا التراب ورفعنا الطابق ونزلت أنا وعمي مقدار خمسين درجة ، فلما وصلنا إلى آخر السلم وإذا بدخان طلع علينا فغشي أبصارنا ، فقال عمي الكلمة التي لا يخاف قائلها وهي :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم مشينا وإذا نحن بقاعة ممتلئة دقيقاً وحبوباً ومأكولات وغير ذلك ورأينا في وسط القاعة ستارة مسبولة على سرير فنظر عمي إلى السرير فوجد ابنه هو والمرأة التي قد نزلت معه صار فحماً أسود وهما متعانقان كأنهما ألقيا في جب نار ، فلما نظر عمي بصق في وجهه وقال تستحق يا خبيث فهذا عذاب الدنيا وبقي عذاب الآخرة وهو أشد وأبقى .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .



إلى اللقاء مع الليله القادمه





 

 

 

 

 

 

 

 

 




 
موضوع مغلق

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الخليج - © Kleej.com

( 2007 - 2024 )

{vb:raw cronimage}

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر العضو نفسه ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى