منذ /01-15-2012, 08:40 AM
#1
|
|
 |
|
 |
|
ذكر الله في كتابه الكريم، ثلاث مشاهد من حياة إسماعيل عليه السلام.
كل مشهد عبارة عن محنة واختبار
لكل من إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
وهانحن الآن أمام الإختبار الثالث..*

قال تعالى: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ{99}
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ{100} فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ{101}
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ
فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ{102}
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ{103} وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ{104}
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{105}
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ{106}
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ{107}
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ{108} ) الصافات
في أول زيارة من إبراهيم لإسماعيل ،
كان قد بلغ إسماعيل مبلغ الصبيان ودرج على الأرض ،
فأحبه إبراهيم وشغف به وأصبح كالخليل لخليله .

قد تخللت مسلك الروح مني ***
ولذا سمي الخليل خليلا
فأراد الله أن يخلص قلب إبراهيم من هذا الحب ،
ومن هذا الابن له سبحانه وتعالى لأنه خليل الرحمن .

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل .
فإن الله تعالى قد اتخذني خليلا ، كما اتخذ إبراهيم خليلا .
ولو كنت متخذ من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا )
المصدر: صحيح مسلم
- الصفحة أو الرقم: 532
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقيل: لما كانت الخلّة مرتبة لا تقبل المشاركة امتحن الله سبحانه نبيه إبراهيم الخليل
بذبح ولده لما أخذ شعبة من قلبه ،
فأراد سبحانه أن يخلّص تلك الشعبة ولا تكون لغيره،
فامتحنه بذبح ولده والمراد ذبحه من قلبه لا ذبحه بالمدية،
فلما أسلما لأمر الله،
وقدّم إبراهيم عليه السلام محبة الله تعالى على محبة الولد،
خلص مقام الخلة ، فدي الولدُ بالذبح

صدق رسولنا الحبيب
~وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ~ سورة النجم آية 3-4
إذ قال:
( أشد الناس بلاء الأنبياء ! ثم الأمثل فالأمثل فالأمثل ،
يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه ،
وإن كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه ،
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة )
المصدر: السلسلة الصحيحة
- الصفحة أو الرقم: 143
خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

لنجعل البلية عطية، والمحنة منحة
هنيئاً لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ،
المعطي، القابض، الباسط، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك،
وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن ي بالقضاء والقدر،
جف القلم بما أنت لاق، فلا تذهب نفسك حسرات،

فلاتجزع /ي وتسخط /ي وتقارن/ ي نفسك بالآخرين ممن هم أعلى منكِ
في الصحة والرزق والأمان ووضع القبول في الأرض
إن البعض يزيد المصيبة ألمًا بتسخطه وجزعه، وحزنه ونكده،
ويخسر دينه ودنياه،

كما قال صلى الله عليه وسلم
~ إنما الصبر عند الصدمة الأولى ~ .
صحيح البُخاري
وإن الرضا يوجب طمأنينة القلب، وسكونه وثباته عند الأزمات،
كما قال صلى الله عليه وسلم:
(عجباً لأمر المؤمن . إن أمره كله خير . وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن .
إن أصابته سراء شكر . فكان خيراً له .وإن أصابته ضراء صبر . فكان خيراً له)
صحيح مُسلم

فلما وصل إبراهيم عليه السلام إلى مكة رأى فيما يرى النائم قائلاً يقول له : اذبح ابنك ,
فتعوذ بالله من الشيطان وتوضأ وصلى.
فرأى الرؤيا مرتين . فعلم إنها رؤيا حق .
ولذلك قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى : (باب) رؤيا الأنبياء حق .
فقال إبراهيم لإسماعيل :{ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} الصافات: 102
ويا لها من مصيبة ! ويا لها من مسألة شاقة على الأنفس !
مثل /ي في نفسكِ أخي /ة أن تؤمر/ ي أن تذبح /ي بيدك وسكينك أحب أبنائك إليك .
ما هو شعورك ؟ وما هي عواطفك ؟

ففي وقت الأزمات يظهر المُؤمن الصــــادق من المُؤمن الكــــــاذب,,
فاثبت/ ي واصبر/ ي واحتسب /ي حين نزول البلاء
وتذكر /ي أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه
(إذا أراد الله بعبده الخير ؛ عجل له العقوبة في الدنيا ،
وإذا أراد الله بعبده الشر ؛ أمسك عنه بذنبه ،
حتى يوافيه به يوم القيامة)
الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني
- المصدر: تخريج مشكاة المصابيح
- الصفحة أو الرقم: 1509
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

قال إسماعيل في هدوء صبر وإيقان:
{يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } الصافات : 102
قال أهل التفسير :
خاطبه بالأبوة في مقام الحنان حتى وهو يعتدي على روحه بأمر الله عز وجل .
{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} الصافات: 120

وقالوا: ما أحسن هذا الاعتراض .
لم يقل : ستجدني من الصابرين ،
وإنما قال: (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) الصافات:102.
فصبري بالله واتكالي على الله .

أسلم إبراهيم نفسه إلى الواحد الأحد ،
وأسلم إسماعيل نفسه إلى الله سبحانه وتعالى
قال أهل العلم : ولم يقل :أجلسه وأقعده ، إنما (وَتَلَّهُ) الصافات:103
بقوة ليرى الله أنه ينفذ الأمر بحماس وقوة
قال أهل التفسير:
ما استطاع إبراهيم أن يبطحه على ظهره فجعله على وجهه ليذبحه من قفاه ..
لماذا؟

خشية أن يرى وجه ابنه فتدركه الرحمة والرأفة فيعصي أمر الله
ياالله
ماأعظم صبره ,
وماأنقى قلبه ,
وماأصدق حبه لله
يقول الشيُخ صالح المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء حفظه الًله :
من أرأد أن يَعَرف أين مقامه عند رِبه ..
فلينظرٌ أين مقأمه مِنّ طأعة ربه ..
إذ ليس بيِن الَلَه وبين أحد من خَلِقه نِسب .. أنمَا هِيَ اعمال
(وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) المطففين آية 26

وإبراهيم ياأحبة صاحب مواقف خالدة في القران ،
فهو صاحب الروغتين : روغة الكرم وروغة الشجاعة
{ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } الذاريات : 26
{ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ } الصافات : 93.
لأن المسلم ينبغي عليه أن يأخذ أحكام الله ،
وتنفيذ أوامر الله بالقوة حسب استطاعته .
أما البرود ، والكسل ، والخنوع ، فهو ليس من دين الله .
إذ يقول الله عن المنافقين:
{ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى } سورة النساء 142
فلما أرسل السكين عليه
أتى لطف الله عز وجل ورحمته ، سبحانه وتعالى ،
فما أصبحت السكين تذبح ، ومن عادة السكين أن تذبح ،
ولكن حكمة الله عز وجل أن منعها من الذبح
فالبحر يغرق ، ولكن قدرة الله منعته أن يغرق موسى عليه السلام
والنار تحرق ولكنها لا تحرق إبراهيم عليه السلام .
والسكين تذبح , ولكن قدرة الله عز وجل تجعلها لا تذبح أبداً
فمنعتها من عنق إسماعيل ؛ لأنه بريء طاهر عفيف.

فقال سبحانه: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} الصافات:107,
نزل عليهم من الجنة (كبش)، فأخذ السكين وذبح الذبح العظيم (الكبش)
ورد السكين إلى نصابها .
نادى الله تعالى إبراهيم في تلك الحالة العصيبة
أن يا إبراهيم قد فعلتَ ما أُمرت به وصَدَّقْتَ رؤياك,
إنا كما جزيناك على تصديقك نجزي الذين أحسنوا مثلك,
فنخلِّصهم من الشدائد في الدنيا والآخرة.

وكان هذا الأمر من الإبتلاء الشديد من الله تعالى لإبراهيم عليه السلام
والذي كشف عن صدق إيمان إبراهيم بالله تعالى
قال تعالى (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) سورة الأعراف :56
وقال تعالى (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) سورة الرحمن: 60
ففدى الله تعالى ذبح إسماعيل بكبش عظيم أنزله الله تعالى بديلاً عن إسماعيل عليه السلام,
ومدحه الله أبد الدهر وأثنى عليه وقال:{ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} الصافات: 106
فهو بلاء خالد ،
لكن خلد الله ذكره يوم إذ قال:{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} الشعراء: 84
فرفع الله ذكره أبد الدهر

سجن أحمد بن حنبل وجلد، فصار إمام أهل السنة،
وحبس ابن تيمية، فأخرج من حبسه علماً جماً،
ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة،فأخرج عشرين مجلداً في الفقه،
وأقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية
من أشهر وأنفع كتب الحديث،
ونفي ابن الجوزي من بغداد، فجود القراءات السبع،
إذا داهمتك داهية فانظري في الجانب المشرق منها،
وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضيف ي إليه حفنة من سكر،
وإذا أهدى لك ثعباناً فخذ ي جلده الثمين واتركي باقيه،
وإذا لدغتك عقرب فاعلم ي أنه مصل واقي ومناعة حصينة صد سم الحيات

لاتلفتوا بغيره,
لاتسألوا غيره,
لاتنتظروا الخير إلا من رب الخير,
لاتنتظر/ ي غيرك يعطيك ,
أسأل/ ي ربك أن يعلق قلبكِ به لابشيء سواه

وإذا سألت الله مُخلصاً من قلبك فصدقت مع الله صدق الله معك
والله تعالى يقول:
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
سورة غافر: 60
ولاشك أن أعظم عطية أعطاها الله للعبد بعد توفيقه لهذا الدين وهدايته له
أن يجعل قلبه مُعلقاً بالله

إذا نزلت بك النوازل وألمت بك الخطوب،
فالهج/ ي بذكره، واهتف /ي باسمه، واطلب/ ي مدده واسأل/ ي فتحه ونصره،
مرغ /ي الجبين لتقديس اسمه، لتحصل/ي على تاج الحرية،
وأرغم /ي الأنف في طين عبوديته لتحوز /ي وسام النجاة .
مد /ي يديك، أرفع/ ي كفيك، أطلق/ي لسانك،
أكثر /ي من طلبه، بالغ/ ي في سؤاله، ألح /ي عليه،
الزم/ ي بابه، انتظرم ي لطفه،
ترقب/ ي فتحه، أشد /ي باسمه، أحسن /ي ظنك فيه،
انقطع /ي إليه، تبتل /ي إليه تبتيلاً حتى تسعد/ ي وتفلح/ ي .

هذه قصة لمن كان له ~ قلب ~ فَ لنعتبر
واللهم اجعل لنا من الناس عبرة ، ولا تجعلنا للناس عبرة
|
|
 |
|
 |

|
|
|