![]() |
![]() |
|
#1 | |||||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
عن الحسن البصري قال: اتيت مجلسا في جامع البصرة فاذا انا بنفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتذاكرون زهد ابي بكر وعمر وما فتح الله عليهما من الاسلام وحسن سيرتهما، فدنوت من القوم فاذا فيهم الاحنف بن قيس التميمي جالس معهم، فسمعته يقول: اخرجنا عمر بن الخطاب في سرية الى العراق ففتح الله علينا العراق وبلد فارس فاصبنا فيها من بياض فارس وخراسان فجعلناه معنا واكتسينا منها، فلما قدمنا على عمر اعرض عنا بوجهه وجعل لا يكلمنا، فاشتد ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتينا ابنه عبد الله بن عمر وهو جالس في المسجد، فشكونا اليه ما نزل بنا من الجفاء من امير المؤمنين عمر بن الخطاب. فقال عبد الله: ان امير المؤمنين راى عليكم لباسا لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسه ولا الخليفة من بعده ابو بكر الصديق، فاتينا منازلنا فنزعنا ما كان علينا واتيناه في البزة (البزة: - بالكسر -: الهيئة. المختار 38 ب) التي كان يعهدنا فيها، فقام يسلم علينا على رجل رجل ويعانق منا رجلا رجلا حتى كانه لم يرنا قبل ذلك، فقدمنا اليه الغنائم فقسمها بيننا بالسوية. فعرض عليه في الغنائم سلال من انواع الخبيص من اصفر واحمر، فذاقه عمر فوجده طيب الطعم طيب الريح، فاقبل علينا بوجهه وقال: والله يا معشر المهاجرين والانصار ليقتلن منكم الابن اباه والاخ اخاه على هذا الطعام! ثم امر به فحمل الى اولاد من قتلوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الانصار. ثم ان عمر قام منصرفا فمشى وراء ؟؟ اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثره، فقالوا: ما ترون يا معشر المهاجرين والانصار الى زهد هذا الرجل والى حليته؟ لقد تقاصرت الينا انفسنا مذ فتح الله على يديه ديار كسرى وقيصر وطرفي المشرق والمغرب، ووفود العرب والعجم ياتونه فيرون عليه هذه الجبة قد رقعها اثنتي عشرة رقعة فلو سالتم معاشر اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وانتم الكبراء من اهل المواقف والمشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والسابقين من المهاجرين والانصار ان يغير هذه الجبة بثوب لين يهاب فيه منظره ويغدى عليه جفنة من الطعام ويراح عليه جفنة ياكله ومن حضره من المهاجرين والانصار. فقال القوم باجمعهم: ليس لهذا القول الا علي ابن ابي طالب فانه اجرا الناس عليه وصهره على ابنته او ابنته حفصة فانها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موجب لها لموضعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلموا عليا فقال علي: لست بفاعل ذلك ولكن عليكم بازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهن امهات المؤمنين يجترئن عليه. قال الاحنف بن قيس: فسالوا عائشة وحفصة وكانتا مجتمعتين، فقالت عائشة: اني سائلة امير المؤمنين ذلك، وقالت حفصة: ما اراه يفعل وسيبين لك ذلك. فدخلنا [فدخلتا؟؟] على امير المؤمنين فقربهما وادناهما، فقالت عائشة: يا امير المؤمنين! اتاذن لي ان اكلمك؟ قال: تكلمي يا ام المؤمنين! قالت: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضى لسبيله الى جنته ورضوانه لم يرد الدنيا ولم ترده، وكذلك مضى ابو بكر على اثره لسبيله بعد احياء سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل الكذابين وادحض حجة المبطلين بعد عدله في الرعية وقسمه بالسوية وارضى رب البرية، فقبضه الله الى رحمته ورضوانه والحقه بنبيه صلى الله عليه وسلم بالرفيع الاعلى، لم يرد الدنيا ولم ترده، وقد فتح الله على يديك كنوز كسرى وقيصر وديارهما وحمل اليك اموالهما، ودانت لك طرفا المشرق المغرب، ونرجو من الله المزيد وفي الاسلام التاييد، ورسل العجم ياتونك ووفود العرب يردون عليك وعليك هذه الجبة قد رقعتها اثنتي عشرة رقعة! فلو غيرتها بثوب لين يهاب فيه منظرك ويغدى عليك بجفنة من الطعام ويراح عليك بجفنة تاكل انت ومن حضرك من المهاجرين والانصار. فبكى عمر عند ذلك بكاء شديدا، ثم قال: سالتك بالله هل تعلمين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم شبع من خبز بر عشرة ايام او خمسة او ثلاثة او جمع بين عشاء وغداء حتى لحق بالله؟ فقالت: لا. فاقبل على عائشة فقال: هل تعلمين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب اليه طعام على مائدة في ارتفاع شبر من الارض؟ كان يامر بالطعام فيوضع على الارض ويامر بالمائدة فترفع، قالتا: اللهم نعم. فقال لهما: انتما زوجتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وامهات المؤمنين ولكما على المؤمنين حق وعلي خاصة ولكن اتيتماني وترغباني في الدنيا واني لاعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس جبة من الصوف فربما رق جلده من خشونتها! اتعلمان ذلك؟ قالتا: اللهم نعم. قال: فهل تعلمين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقد على عباءة على طاقة واحدة؟ وكان مسحا (مسحا: المسح - بوزن الملح - البلاس وهو ثوب من الشعر غليظ. المختار 494. ب) في بيتك يا عائشة يكون بالنهار بساطا وبالليل فراشا فندخل عليه فنرى اثر الحصير على جنبه، الا يا حفصة! انت حدثتيني انك ثنيت له ذات ليلة فوجد لينها فرقد عليه فلم يستيقظ الا باذان بلال فقال لك: يا حفصة! ماذا صنعت؟ اثنيت لي المهاد ليلتي حتى ذهب بي النوم الى الصباح؟ مالي وللدنيا ومالي! شغلتموني لين الفراش! يا حفصة! اما تعلمين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تاخر؟ امسى جائعا ورقد ساجدا ولم يزل راكعا وساجدا وباكيا ومتضرعا في اناء الليل والنهار الى ان قبضه الله الى رحمته ورضوانه، لا اكل عمر طيبا ولا لبس لينا فله اسوة بصاحبيه، ولا جمع بين الادمين الا الملح والزيت، ولا اكل لحما الا في كل شهر حتى ينقضي ما انقضى من القوم. فخرجنا [فخرجتا؟؟] فخبرتا بذلك اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل. المصدر: منتدى الخليج
|
||||||||||||
|
|