من ذكرى الحرب

قـائـمـة الأوسـمـة · #1

من ذكرى الحرب ..

روت لي هذه القصّة :
كنّا أنا وصديقة لي في مهمة إغاثية ...
نأخذ الأدوية ونوزّعها على المناطق الأخرى كوننا نساء سهّل لنا المهمّة ...
ركبنا السيارة وكان تحت المقعد الذي بجانب السائق كيس كبير مليء بالأدوية
وأما في حقيبة السيارة فقد وضعنا فيها مصاحف
لتوزيعها بـ داريا (للنازحين من ريف دمشق ومن حمص )

وعلى ذكر داريا ... أخبرني بعضاً من أهلها عن مقام يُدعى (مقام السيدة سكينة )
وقصته أنّ عجوزا كبيرا كان عنده كلب وفيّ
فلما مات الكلب تأثـّر صاحبه كثيراً واقترح عليه أهل القرية أن يدفنه
ويجعله معلماً للذكرى والذي سمّي فيما بعد بمقام السيدة سكينة...

ثم أصبح بعدها مزاراً للقادمين من بلاد الفرس ودشّـن رسميا عام 2004
وأصبحت البيوت حول هذا المقام تباع بعشرة مليون ليرة .
أحد السكان كان بيته قديماً مهلهلاً فاجتمع حوله الأجانب ليشتروا منه بيته
بغالي الأثمان لكنّه رفض أن يبيعه إذ حملته الغيرة على بلده ووطنه
وباعه لأحد من أبناء حيّـه بثمن بخس .
.فباعه الأخير بعشرة مليون لمن يشترون البلد للعبث فيه .

خرجنا ومعنا الأدوية وذهبنا من طريق ترابي لا يوجد عليه حرّاس
لكنّا وجدناه مقفلاً هذه المرّة .
.واضطررنا للمشي في الطريق الصحيح وللأسف كان عليه أخطر الحواجز
طلبوا منّا فتح حقيبة السيارة فإذا هو مليء بالمصاحف سألنا الضابط لم هذه ؟
قلنا: لتوزيعه على جوامع المدينة وسألني من أين أنت ؟
قلت وقد تلبّكت من الخوف من مدينة كذا
وسمّيت له منطقة فيها معارك ساخنة كانت (زلّة لسان منّي )
وبعدها جنّ جنون الضابط وبدأ يضرب كفرات السيارة برجله
إذ شكّ بوجود سلاح فيها وأما رفيقتي أمسكت الجوال لتبعث رسالة لأهلها أنّها النهاية
قلنا سيأخذوننا لامحالة ..
كانت أعيننا على أكياس الأدوية المكشوفة ..
عند مقعد بجانب السائق لو رآها وفتشها لذهبنا في الاعتقال بتهمة جرائم إغاثية ..
كانوا يفتّشون كل مقعد .
.وعمى الله أعينهم عن رؤية هذا الكيس ..
كنّا ندعو
اللهم اكفنيهم بما شئت / شاهت الوجوه/
اللهم إنا نجعلك في نحورهم ..

كانت الخواطر التي جاءتني في تلك اللحظة ليتني قبـّلتُ يد والدتي .
.ليتني أعلمتهم بذهابي لأننّي زعمتُ أني ذاهبة لصديقة لي
كان الانتظار صعبا ..لم تعد أرجلنا تحملنا من الخوف ..
ثم أنزل الله علينا رحمته إذ نظر الضابط إلينا
وقال : هذه المرة سندعكم تذهبون ولكن في المرة القادمة لا تتأملوا خيراً
حين ركبنا السيارة بدأنا نصيح بلاوعي ...
أجسامنا باتت خرقة من الرعب ...
لم نصدّق أننا نجونا
وكانت فرحتنا بتوزيع الأدوية على النازحين أذهب منّا تعب الطريق
وأخيراً انتهى مشوار هذه الرحلة
ونحن نحمد الله أن سلمنا من الاعتقال
وأنّ الله قد وهبنا الحياة من جديد

المصدر: منتدى الخليج