الطبيب الجزار

 

الطبيب الجزار

د. هاشم عبده هاشم
** صعقت وأنا أقرأ خبر جريدة المدينة المنشور بعددها الصادر يوم الأحد الماضي عن (سحب ترخيص طبيب يملك مستشفى خاصاً ويديره بمدينة جدة لعدم أهليته لمزاولة المهنة.. كما تقول الجريدة)..
** الحقيقة أن آخر ما كنت أتوقعه هو أن أجد إنساناً امتهن عملاً شريفاً.. مثل مهنة الطب (هذه) لكنه خان أمانته تلك.. وزاولها بالصورة التي تحقق مصالحه.. بعيداً عن قيم المهنة.. وأخلاقياتها.. وضوابطها..
** وسألت نفسي.. كم يوجد لدينا من الأطباء الذين يحذون حذو هذا (المتكسب) من وراء هذه المهنة (الراقية) فكانوا بذلك سبباً في وفاة البعض وتعطيل البعض الآخر.. دون أن يخافوا الله.. أو يخشوه في أمانتهم.. ومسؤوليتهم .. وفي خلقهم .. وفي الناس الذين وثقوا فيهم فأسلموهم أرواحهم.. ففتكوا بهم وتسببوا في إعاقة البعض منهم..
** والحالة الآنفة الذكر.. تدفعنا إلى التوقف طويلاً .. وإلى التساؤل عن الآليات المتبعة لمراقبة أرباب هذه المهنة.. لأنها مهنة ترتبط بحياة البشر.. وليس من السهل ان نتركها عرضة للامتهان والتعدي بمثل هذه الصورة المخزية..
** أقول هذا .. وأنا مازلت غير مصدق ان (هوى) النفس الشريرة قد يقودها إلى ارتكاب أخطاء تؤدي إلى (قتل) انسان.. إلا اذا كان صاحبها غير انسان في الأصل..
** واذا كان صحيحاً .. ان الهيئة الصحية الشرعية بجدة قد أصدرت حكماً بسحب ترخيص الطبيب.. فإن ذلك هو أقل ما يجب ان تفعله.. ولكن السؤال هو .. وماذا عن استمرار المستشفى الذي يملكه ويديره في ممارسة هذه المهنة حتى بعد افتضاح أمر صاحبه.. لأنه اذا كان هو قد تسبب بالفعل في إجراء عمليات جراحية أدت إلى إعاقات ووفيات.. فإنه ومن باب أولى ان تكون هناك أخطاء وممارسات أكثر خطورة من قبل من يعملون معه.. ربما أدت وتؤدي إلى ما هو أكبر من كل هذا.. لأنه ليس مستبعداً ان يقوم عمل هذا المستشفى على الربح غير المشروع (فقط).. وذلك يتطلب فحص كل أوراقه وسجلاته وملفات مرضاه.. وإخضاع تجهيزاته.. وحتى حساباته المالية للفحص والدراسة والتحري.. بهدف التأكد من انه لم يعرض بحياة انسان.. وانه لا يمارس عمله بصبغة تجارية ولا انسانية أيضاً..؟
** واذا تأكدنا بأن الوضع سليم – وإن كنت أشك في ذلك تماماً - فإن علينا أن ننظر في إجراءاتنا الحالية ومدى كفايتها في التفتيش على المستشفيات حكومية وأهلية وبصورة منتظمة.. لأن حياة الناس أغلى من أن تترك للصدفة وعبث العابثين..
** فقد نكتشف أن هناك عشرات الحالات المماثلة.. وعندها فإنه سيتعين علينا أن نكون أكثر دقة في متابعة أوضاع مصحاتنا حتى وإن أزعج ذلك أصحابها.. وأدى إلى تبرم بعض اصحابها والعاملين بها.. لأن حياة الناس فوق كل اعتبار .. والله المستعان.
***
ضمير مستتر:
**[ حين لا تكون (ضمائرنا) حية.. فإن كل شيء يصبح معرضاً للقتل والاستباحة مع كل أسف ]

المصدر: منتدى الخليج