دورة خجول مع مرتبة الشرف

قـائـمـة الأوسـمـة · #1

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الخجول .. أختي الخجولة :

كم هي المواقف التي مررت بها لكن خجلك منعك من التصرف بأنسب الطرق ؟!!

و لابد أنك مررت بمواقف نتيجة خجلك

و لا أظنك تخالفني الرأي في أن الخجل يفعل بك الكثير الكثير ، و أظنك جربتها و مررت بها .

فمرحباً بك أخي الكريم و أختي الكريم في دورة :

(خجول مع مرتبة الشرف .. )

صحيح أن هذه الدورة لا تصل لدرجة الكمال ، صحيح أن النقص فيها كبير ، صحيح أنني لو ركزت بها أكثر لخرجت بصورة أفضل مما هو عليه ، لكن يسرني أن أقدم لكم هذه المادة العلمية التي هي عبارة عن خلاصة اطلاعاتي و قراءاتي في هذا المجال ، على أمل أن تستفيدوا منها بأقدر قدر ممكن
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على سيدنا محمد على آله وصحبه أجمعين ، اللهمّ إنا نسألك أن تمنّ علينا بمعرفة العلم وتزيّن أخلاقنا بالحلم وتفتح علينا بنور الفهم إنك على كل شيء قدير ، أم بعد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مرحباً بك أيها الخجول و أهلاً في حوار نتحدث فيه دون خجل أو إحراج ، حدبث لا ينقصه الصراحة و الوضوح ، اسمح لي أن يكون حواري معك أيها الخجول أنت وحدك دون أن يكون الخجل معنا ، لذا أدعوك أن تبعد الخجل عنك و تطرده خارج القاعة ، كي يكون حوارنا في إطار المصارحة التامة إن شاء الله . و لتعلم أن دعوتي للمصارحة لا تهدف إلى التخلص من الخجل و التغلب عليها فحسب ، إنما تهدف إلى أن تعرف نفسك ، تعرف كيف تحقق مواقف تجاهها ، هذه المواقف التي ترغب في التعايش معها بعكس حالتك الآن .

لنبدأ الآن حوارنا دون إبطاء ، لنبدأ الآن كي تعرف من أنت ، فإن عرفتها ارتاحت نفسك و تنبهت لما يدور حولها ، و أول مبادئ الراحة النفسية أن تعرف أين يمكن الخطأ . قبل أن نبدأ بالمحاضرة ، ضع ورقة بيضاء على جهة ما أمامك ، وإذا خطرت فكرة أو خاطرة أو تجربة أو ملاحظة معينة ثبتها واكتبها .

.. تمرين : البطاقة الشخصية ..

لحظة من فضلك !! لا أقصد بها البطاقة التي تحملها معك لإثباتاً لهويتك ، بل هي بطاقة من وع خاص ، بطاقة ستعينك كثيراً علاى معرفة من أنت ؟ و ما مقدار خجلك ؟

أنا أعتبر الخجل متى ما تجاوز حدوده مرضاً ، ليس مبالغة مني ، بل هذا ما أقره العلماء ، لذا فإن أولى خطوات الشفاء أن يعرف الإنسان داءه معرفة جيدة و يشخصها خير تشخيص ، و كي يتحقق ذلك كان لابد من هذه البطاقة الشخصية . اطمئن لن أطلب منك بياناتك الشخصية و أوراقاً ثبوتية ، فإعداد هذه البطاقة أبسط مما تتصور ، و لن يطلع عليه أحد سواك ، كل ما تحتاج إليه لإصدار هذه البطاقة هو : مصارحة النفس + قلم + ورقة + عدة دقائق للكتابة .و إعداد هذه البطاقة تمر بأربعة مراحل :

* المرحلة الأولى : و هي سهلة ميسورة للغاية ، المطلوب منك أن تعرف الخجل ؟ و ليس لمقصود أن تعرفه لنا تعريفاً أكاديمياً من خلال قراءة كتب علم النفس ، إنما أن تقوم بتعريفه من خلال حالتك أنت ، و أسهل طريقة لذلك أن تحضر ورقة و قلماً وتقوم بتعريف الخجل من واقع معاناتك .

* المرحلة الثانية : الآن و بعد أن انتهيت من تعريف الخجل من منظورك ، ابحث عن التأثيرات التي نجم عنها خجلك ، اسرد المواقف التي تسببت بتكون الخجل لديك ، باحث في ذاكرتك ، و دونها بصراحة و دون مداراة ، و تذكر أنه لا يطلع على ما تكتب أحد سواك .

* المرحلة الثالثة : لابد أنك مررت بمواقف نتيجة خجلك ، استدع هذه المواقف و راقب سلوكياتك و تصرفاتك السلبية التي نتجت عن خجلك ، راقب تصرفاتك التي صدرت و لا تقبلها على ذاتك لكنك فعلتها رغماً عنك خجلاً ، سجل شعورك و أحاسيسك .

* المرحلة الرابعة : ها قد وصلنا للمرحلة الأخيرة ، الآن امسك الورقة و سجل بها كل نتائج خجلك ، سجل خسائرك المادية و الأدبية و الإجتماعية و الأسرية نتيجة خجلك ، و سجل ما كان من الممكن أن تربحه في مقال لو تخليت عن خجلك ، حاول أن تستشعر جمال تخليك عن خجلك و دون مشاعرك .

و هاهي بطاقتك الشخصية جاهزة ، و إذا كنت تشعر بحزن و غم لما قمت به من إثارة نفسك على نفسك قُمْ معي – و أنا لن أتركك لوحدك – و اجعل هذه الثور بداية تغيير للأفضل إن شاء الله . ثق أيها الخجول أنه ليس أمامك سوى وسيلة واحدة كي تنعم بحياتك ، و هي أن تقاوم الخجل و تتغلب عليه

لماذا الخجل ؟

بالطبع لو سألتك الآن : لمـاذا تخجل ؟!! فإنك لن تجيب و لن تبادرني بالرد ، أليس كذلك ؟!!
الإحساس بالخجل يكمن سببه في أمرين مهمين :

-الخجول بنظر إلى نفسه بالدونية و أن الآخرين أفضل منه .
-الخجول يضخم الأمور و يعطيها أكبر من حجمها .

على الرغم من أن كل واحد منا معرض لإرتكاب هذه الأخطاء من وقت لآخر ، لكن سرعان ما نلبث أن نفيق على الحقيقة عندما نلاحظ الآثار السلبية التي يصعنها الشعور بالدونية و تضخيم الأمور ، و النتيجة تكون :

الحياء المطلوب ------> خجل شديد ------>عقدة نفسية مرضية

ألم نتفق على المصارحة منذ البداية ؟!!

دعني أقول لك : إذا كان خجلك ناتجاً عن شعورك بالدونية ، و أنك أقل من الآخرين في شيء ما ، فإني أقول لك أنه لا يستطبع أحد مهما كان أن يشعرك بالدونية دون موافقتك !! لا تشكو معاملة الناس لك ، عليك وحدك تقع مسؤولية ما أنت عليه ، عليك أن تتعلم كيف تعيد بناء علاقاتك مع الآخرين حتى تنال ما تصبو إليه ، لكن اتخاذ الخجل كوسيلة للهروب من المواجهة لن يحل المشكلة أبداً . هل تعارضني لو قلت لك أن الخجل نتيجة و السبب أنت ؟!! لذا عليك أن تعرف كيف تكون محباً لذاتك ، مقدراً لها حقها من التقدير و الإعزاز . إن رأيك في نفسك و ذاتك هو وحده الذي ينمبغي أن تحسب له ألف حساب ، أما رأي الآخرين فيك فلا ينبغي أن يثير فيك شعوراً بالخوف و الإرتباك ، هذا إن كنت تريد التغلب على خجلك .

أنا واثقة من أن مشكلتك الرئيسة هي ( الآخرون ) وما هو حكمهم عليك !! مما يجعلك متردداً في قراراتك ، لأنهم سيكونون أول من ستفكر بهم و كيف سيكون موقفهم !! تعلم كيف تتخذ قراراتك بنفسك دون أن تبالي بالآخرين ما دمت مقتنعاً أن ما تقرره حسن و لن يضر غيرك ، هذا كافٍ جداً ، رأيك وحده هو المهم .

هذا ما يفعل الخجل بك

يفعل الخجل بك الكثير الكثير ، و أظنك جربتها و مررت بها ، و ما سأعرضه لك حاول قدر المستطاع أن تتغلب عليها بعمل رد فعل عكسي في محاولة منك لمحوها من الذاكرة . هل تعرف ما يفعله بك الخجل ؟!!

أولاً : عدم الرضا عن النفس : وهو الشعور الأول الذي ينتابك نتيجة خجلك و التقوقع على ذاتك ، عندها ستجد نفسك تستخف بذاتك دون أن تدري . المطلوب منك أن تصالح نفسك و تتقبلها دون خجل ، فليس منا من يخلو من العيوب ، لكن الذكي هو من يتقبل نفسه و يعمل على تصحيح عيوبه و تحويلها إلى نقاط قوة لا ضعف .

ثانياً : سرعة التأثر و الحساسية المفرطة : فتصبح حساساً جداً بما يقوله الآخرون و لو لم يتعمدوا ذلك ، و يصبح أبسط شيء يجرح أحساسيك ، و أبسط ملاحظة يبديها لك الآخرون تعتبرها نقداُ لاذعاً مما يجعلك تبعد عن هؤلاء اتقاءً لشر نقدهم لذاتك .

ثالثاً : الحكم على الأمور بصورة خاطئة : فلا يكون حكمك على الأمور موضوعياً عادلاً ، بل هو حكم من منظور شخصي ذاتي ، و ذلك نتيجة ما تشعر به من تضخيم الأمور ، فالخجل يجعلك لا ترى من الأمور سوى أقبحها و لا تنظر لمباهج الحياة ، حينها تسخط على نفسك و على الآخرين .

رابعاً : عدم التكيف مع الواقع : لأن الخجل يقف لك بالمرصاد ، تريد أن تداعب هذا و تصافح ذاك و تتبادل الحديث مع هذا لكن الخجل يمنعك !! و هكذا يكون عدم التكيف مع الواقع الذي يفؤض علينا أن نعيش حياة إجتماعية قوامها التواصل و التعاون و الود .

خامساً : السلبية في تحليل المواقف و الأحداث لأنك بفعل الشك تشك في تصرفات الآخرين و أفعالهم تجاهك ، و تحليلاتك لما يصدر منهم يأخذ المنحى السيء لديك ، فالخجل يجعل نظرتك للأمور ضيقة و مطابقة لأهوائك التي تريد تبرير الخجل بأن هؤلاء لا يستحقون أن تقترب منهم .

و الآن .. هل رأيت ماذا فعل الخجل بك ؟!! إنه يحولك من كائن إجتماعي يعيش بالمودة و التواصل إلى كائن منطوٍ على ذاته لا يحب الآخرين و يتعامل معهم بالشك و الريبة ، فيحول حياته إلى جحيم . ألا يجعلك هذا تتمرد على خجلك و تخرج نفسك من سجنها ؟!!

.. تخلص من هذه الأفكار الهدامة .. )

هل تعتقد أن هذا المثلث [ النشأة – البيئة – القدرات الذاتية ] هي التي جعلت الخجل يتمكن منك لهذه الدرجة ؟!! إن كنت تعتقد ذلك فأنا لا أوافقك الرأي و لا أعتقد ما تعتقده ، لا تستغرب و لا تشخص عينيك !! هناك سبب رئيسي للخجل الذي ينتابك و يلازمك ، سبب يقاوم كل رغبة لديك لترك الخجل ، هل تعرف ما هو ؟!! إنها أفكارك . هناك أفكار عدة إن راودتك فعليك أن تتلص منها فوراً دون أ تفكر بها :

[ إن تجنب الصعوبات بالحياة أسهل من مواجهتها ، و كذلك الأشخاص و المواقف ، لذا لا داعي للحرج ]
الواقع أنك تصنع مشكلات أكثر و أسوأ عندما تحاول تجنب الصعوبات و المواقف و الأخاص !! ، الأفضل لك أن تواجهها ، لأنك لو تركتها جانبا فلن تجني منها سوى المزيد من المشاكل و العزلة و الإنطواء ، بينما المواجهة تزيد لديك مشاعر الثقة بالنفس و تقدير الذات ، عندها سيهرب الخجل منك من تلقاء ذاتك .

[ الخجل شيء نشأت عليه منذ صغري ، و هو يحدد سلوكي الحالي و المستقبلي ، و هو أثر من الماضي ، و الماضي لا يمكن تغيير ]
من قال لك هذا ؟ّّ جوهر الحياة هو التغيير ، و نحن كبشر لا نتوقف عن التغيير ، هل نحن الآن كما كنا قبل 10 سنوات ؟!! بالطبع لا . و الموروثات – لو وجدت – لماذا نكون ضحاياها ؟!! لماذا لا نحاول أن نسيطر على ذاتنا و نقول لهذه الموروثات كفى ؟!! فأنت حيثما تضع نفسك لا حيثما يضعك الآخرون .

[ الخجل مفروض علي ، إنه طبع وجدت عليه نفسي و تربيت عليها ]
إن كانت هذه الفكرة ببالك ، فهذا يؤكد أنك تلقي مسؤولية ما يحصل لك دوماً على الآخرين و لا تريد مواجهة الواقع و الحقيقة !! الخجل ليست بصمة وراثية و كروموسوما داخل جسمك بل هو سلوك مكتسب بنسبة 99 % ، المشكلة لديك صنعتها بنفسك و أنت الوحيد القادر على تجاوزها و حلها ، فبادر إلى ذلك .

[ رغم المشاكل التس أعاني منها نتيجة خجلي إلا أنها أفضل بكثير من المشاكل الناتجة من الإختلاط بالناس ]
فكرتك هذه محاولة منك لتبرير موقفك الذهني ، لإقناعك بأنك على صواب و الآخرون على خطأ !! لماذا لا تفكر يصورة عكسية ؟!! لماذا لا تقول أن الخجل هو السبب في كل مشاكلك التي تعاني منها و أن اختلاطك بالآخرين قد يحل لك معظم مشاكلك و يطلق إبداعاتك و مواهبك المكبوتة ؟!!

و هكذا .. إن حللت هذه الأفكار لأدركت تأثيرها الهدام عليك ، و متى ما استطعت التغلب على هذه الأفكار استطعت التغلب على خجلك إلى غير رجعة إن شاء الله .
( .. خطوات نحو العلاج .. )

والآن أدعوك كي تخطو أولى خطواتك الحثيثة للقضاء على الخجل بإذن الله تعالى :

تمرد على خجلك :
نعم أقصد التمرد بمعناه الحرفي ، لكنه تمرد على عدو لدود و عصيان عليه ، عليك أن تتمرد عليه الآن و ليس بعد قليل . إذا شعرت بالخجل فلا تقلق و اجعل أمامك هدفاً واحداً و هو أن تتمرد على هذا الخجل ، و تثبت أمامه مواجهاً إياه بكل ثبات ، لتكن آذانك صماء عن كل إيحاء يجعلك خجولاً ، و ليكن ذهنك مغلقاً عن كل سبيل يجعلك تتقوقع خجلاً ، اجمع طاقاتك لتقاوم بعنف كل عقبة تقف أمامك و تعرقل تغلبك على خجلك ، و ضع أمامك فكرة واحدة لا تتزعزع و هي أنك قررت أن تتخلص من الخجل و ستنالها مهما كان السبب .

الابتسامة طريق القلوب :
نعم يمكنك أن تبتسم ، لن تخسر شيئاً على الإطلاق ، و لن يقول عنك الناس إلا كل خير ، سيقولون أنك بشوش محب للحياة ، بل أكثر من ذلك كثيراً . لترسم على محياك ابتسامة مشرقة جذابة كبداية حقيقية للتغلب على الخجل ، و لا تبخس هذه الابتسامة حقها ، فهي لن تزيدك إلا إشراقاً ، بل ستأسر قلوب من حولك و تسهل لك عملك ، و تعود بالخير على صحتك ، و الأهم من ذلك كله أنها تخلصك من خجلك دون أن تشعر .

انظر بإيجابية إلى ما حولك :
مع أننا جميعاً بلا استثناء نقوم بأمور إيجابية في حياتنا اليومية أكثر بكثير مما نقوم من أمور سلبية ، و مع ذلك نجد الأغلبية العظمى تركز على العيوب و الأخطاء بدلاً من التركيز على الإنجازات و الإيجابيات . ركز على إيجابياتك و ثق بنفسك و ركز على إيجابيات الآخرين و اجعلهم يثقون بك ، فهذا من شأنه أن يدعم ثقتك بنفسك ، عندها تستطيع أن تتغلب على خجلك ، لأنه لن يكون هناك مجال للخجل ما دمت تركز على الإيجابيات .

افترض النية الحسنة في تصرفات الآخرين دائماً :
لماذا تفرض أنك لو اقتربت من أحدهم سيتسبب في إحراجك ؟!! لماذا لا تفترض أنه سيكون من أعز أصدقائك ؟!! لماذا تفترض أن أفكارك لن تجد قبولاً من الآخرين فتعمل على كتمان ما يدور بخلدك ؟!! لماذا لا تفترض أن هذه الأفكار ستحظى بالثناء و التشجيع ؟!! حتى و إن أساء الآخرون لك لماذا لا تفترض أنهم لا يقصدون ذلك ؟!! عليك أن تمنح الآخرين فرصة و فرصتين ، و إذا تأكدت من سوء تصرفاتهم واجههم ، وبالتالي تكسب الجولة بالمواجهة لا بالانزواء و العزلة .
هنيئاً لك تجاوزك لخجلك بعد أن أصغيت لما قلته و نفذت تمارينه بوعي و انتباه .

هنيئاً لك انضمامك لعالم السعداء بحياتهم ،

هنيئاً لك حصولك على شهادة خجول مع مرتبة الشرف ،

هنيئاً لك حصولك على الامتياز في فن إدارة الحياة ،

هنيئاً لك شخصيتك القوية و نفسك الأقوى بإذن الله تعالى .

يسرني شخصياً أن أجدك خلال أشهر قليلة تتناقش و تتحاور مع الآخرين ، و أن تكون أفكارك و مقترحاتك محل إعجاب و تقدير بإذن الله تعالى .

وصلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .

المصدر: منتدى الخليج