مكانة المرأة في الإسلام (2)

 

مكانة المرأة في الإسلام (2)

إن الاسلام أعطى المرأة الحق في اختيار الزوج ، وهناك من الأولياء (الآباء) من يمنع ابنته أو موليّته من الزواج بكفء بمهر مثلها، مختلقا الأعذار، بحجة انه غير مناسب لها، أو انه يطمع في مالها وما إلى ذلك. والنتيجة من هذا المنع إن تبقى البنت من غير زواج مما يؤثر فيها نفسيا، وربما وصلت سن العنوسة وفاتها قطار الزواج.

لذا فإن الشرع منع عضل الولي موليّته، فان منعها في هذه الحال رفعت أمرها إلى القاضي الشرعي، ليتحقق الأمر، فان أصرّ الوليّ على منع موليّته من النكاح رفع عنها القاضي هذا الظلم وزوّجها لكفء بمهر مثلها.

عن معقل بن يسار (رضي الله عنه) قال: كانت لي أخت تُخطب إليّ، فأتاني ابن عم لي، فأنكحتها اياه، تم طلقها طلاقا له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خُطبت إليّ أتاني يخطبها فقلت: لا والله لا أُنكحها أبدا. قال: ففيّ نزلت هذه الآية: «وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن، (البقرة/٢٣٢).

قال: فكفَّرت عن يميني، فأنكحتها إياه. (رواه البخاري).

إن الاسلام يرعى الحقوق المادية والمعنوية للمرأة، ويمنع من تسلط الأولياء عليهن بمنعهن حقوقهن، فان تعسف الوليلا في ظلم موليته، لا تعتبر ولايته في الشرع، فالولاية على المرأة في النكاح هي ولاية رحمة ورشد وإحسان، وليست ولاية قهر وظلم وطغيان، ومن حقوق المرأة في الاسلام الدالة على قدر المرأة ومنزلتها في الشريعة الاسلامية. وجوب الكفاءة في زواجها، اي تتزوج بكفء لها في الدين، مساويا لها في المنزلة، ونظيرا لها في المركز الاجتماعي، وما من شك في انه كلما كانت منزلة الرجل مساوية لمنزلة المرأة، كان ذلك ادعى لنجاح الحياة الزوجية وأحفظ لها من الفشل، وفي ذلك رعاية مصالح المرأة، وتأكيد حقها. وبعد اتمام الزواج والدخول بالزوجة، اوجب الشرع حقوقا على الزوجين كل تجاه الآخر، واذا عرف الزوجان حقوقهما وواجباتهما كانت الحياة الزوجية سعيدة ومستقرة ومثمرة متماسكة تسودها المودة والرحمة.

يقول تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» (الروم/٢١).

ويمكن تقسيم حقوق الزوجة في الاسلام إلى حقوق مادية، وحقوق انسانية (معنوية)، فالحقوق المادية مثل: المهر والنفقة والسكنى، وان كانت ممن تخدم في بيت لأبيها، فعلى الزوج إن يوفر لها خادمة، ومن حقوق الزوجة الانسانية، حسن العشرة مع الزوجة، والتلطف معها، لقوله تعالى: «وعاشروهن بالمعروف» (النساء/١٩).

كما يجب للزوج العدل لمن له اكثر من زوجة، ولا يميل لاحداهن، ويترك الباقيات يقول تعالى: «فإن لم تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا» (النساء/٣).

ويجمع هذه الحقوق قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (استوصوا بالنساء خيرا فانهن خُلقن من ضلع، وان اعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته، وان تركته لم يزل اعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا) (رواه البخاري ومسلم).

وفي خطبة الوداع يوصي الرسول (صلى الله عليه وسلم) الأمة بالنساء ومراعاة حقوقهن، فقال: واتقوا الله في النساء فانهن عوان لكم.

ومن علامات كمال الايمان وحسن الخلق، ان يكون المرء رفيقا بأهله، حسن العشرة معهن.

يقول الرسول (صلى الله عله وسلم): اكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم. (رواه أحمد).

إن اكرام المرأة وحُسن العشرة معها دليل على حسن الخلق وعلى الشخصية المتزنة المتكاملة، وعلامة الايمان، واقتداء بالرسول (صلى الله عليه وسلم).

يقول تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، (الأحزاب/٢١). كما أن الاساءة للمرأة دليل على سوء الخلق واللؤم.

كما جاء في الحديث:« ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم.» ومن اكرامهن تجنب إيذائهن حتى لو بالكلمة، هكذا يقدر الاسلام المرأة ويرفع منزلتها.

عن حكيم بن معاوية رضي الله عنه قال:« قلت يا رسول الله ما حق زوجة احدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر الا في البيت». اخرجه أحمد.

وهكذا يوضح الرسول حق الزوجة على زوجها، كما يدعو إلى حسن العشرة معها، وان كان في طبعها بعض الاعوجاج؟ فيجب الصبر عليها واحتمال اعوجاجها، وان رأى المؤمن في زوجته ما يكره من بعض التصرفات؟ فانه يرى منها ما يحبه من صفات وأخلاق، فتمحو الحسنات السيئات.

يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي خلقا آخر) (أخرجه مسلم).

لا يفرك يعني لا يكره، ومن حق الزوجة على زوجها، صيانتها والحفاظ عليها من كل ما يخدش الحياء، او يعرضها للفتنة أو التهمة، لأن الرجل مسئول عن زوجته، كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسئول عن رعيته... الخ الحديث).

وغيرة الرجل على اهله غيرة محمودة، يحبها الله ورسوله. لأنه بغيرته يحفظ عرض زوجته وكرامتها.

يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حُـرِّم عليه) (رواه البخاري).

وهكذا أوجب الاسلام للمرأة حقوقا على زوجها، وضمن لها هذه الحقوق وهذه الواجبا.

المصدر: منتدى الخليج