![]() |
![]() |
|
#1 | ||||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]()
|
ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه، وإن تاب منها وبكى عليها. وإني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة، وكأنهم قد قطعوا على ذلك. وهذا أمر غائب، ثم لو غفر بقي الخجل من فعلها. ويؤيد الخوف بعد التوبة وما أحسن ما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: واسوأتاه منك وإن عفوت. فأف والله لمختار الذنوب ومؤثر لذة لحظة تبقى حسرة لا تزول عن قلب المؤمن وإن غفر له. فالحذر الحذر من كل ما يوجب خجلاً. وهذا أمر قل أن ينظر فيه تائب أو زاهد، لأنه يرى أن العفو قد غمر الذنب بالتوبة الصادقة. وما ذكرته يوجب دوام الحذر والخجل. قد يأمن العبد بتوبته ويبدء فى التراخى عن عمل الصالحات التى يؤيد بها لله ايمانه وصدق توبته اعتمادا ان الله قد غفر له ولكن لا يأمن مكر الله غير القوم الكافرين فلابد للعبد ان يصدق توبته بالفعل والقول وليس القول فقط ويظل دائما بين الخوف والرجاء لله وان يسعى دائما لرضا الله عليه وعدم رجوعه للمعصية بأى شكل من الأشكال اعتمادا ان الله قد غفر له فقد يموت بعد توبته على معصية اخرى قالت طائفة: لا تمحى الذنوب من صحائف الأعمال بتوبة ولا غيرها، بل لا بد أن يوقف عليها صاحبها ويقرأها يوم القيامة، واستدلوا بقوله تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [الكهف: 49] ، وفي الاستدلال بهذه الآية نظر، لأنه إنما ذكر فيها حال المجرمين، وهم أهل الجرائم والذنوب العظيمة ، فلا يدخل فيهم المؤمنون التائبون من ذنوبهم، أو المغمورة ذنوبهم بحسناتهم. وأظهر من هذا الاستدلال بقوله: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره - ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [الزلزلة وروي عن أبي عثمان، عن ابن مسعود وعن أبي عثمان من قوله وهو أصح. وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن بعض أصحاب معاذ بن جبل قال: يدخل أهل الجنة الجنة على أربعة أصناف: المتقين، ثم الشاكرين، ثم الخائفين، ثم أصحاب اليمين. قيل: لم سموا أصحاب اليمين؟ قال: لأنهم عملوا الحسنات والسيئات، فأعطوا كتبهم بأيمانهم، فقرؤوا سيئاتهم حرفا حرفا قالوا: يا ربنا هذه سيئاتنا فأين حسناتنا؟ فعند ذلك محا الله السيئات، وجعلها حسنات، فعند ذلك قالوا: {هاؤم اقرءوا كتابيه} [الحاقة: 19] فهم أكثر أهل الجنة. وأهل هذا القول قد يحملون أحاديث محو السيئات بالحسنات على محو عقوباتها دون محو كتابتها من الصحف. والله أعلم ذكره أبو نعيم عن الأوزاعي عن هلال بن سعد قال: إن الله يغفر الذنوب، ولكن لا يمحوها من الصحيفة حتى يوقفه عليها يوم القيامة، وإن تاب منها. قال المؤلف -القرطبي نفسه-: ولا يعارض هذا ما في التنزيل والحديث من أن السيئات تبدل بالتوبة حسنات، فلعل ذلك يكون بعد ما يوقفه عليها. والله أعلم. المصدر: منتدى الخليج
|
|||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|