قال ابن القيم رحمه الله في " مدارج السالكين " :
من منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } منزلة المراقبه ..
وهي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه .. فاستدامته لهذا العلم ، واليقين بذلك هي المراقبه ..
وهي ثمرة علمه بأنَّ الله سبحانه .. رقيب عليه .. ناظر إليه .. سامع لقوله .. مطّلع على عمله ..
ومن راقب الله في خواطره ؛ عصمه الله في حركات جوارحه ..
قال أحدهم : والله إني لأستحي أن ينظر الله في قلبي وفيه أحد سواه ..
قال ذو النون : علامة المراقبه .. إيثار ما أنزل الله .. وتعظيم ما عظَّم الله .. وتصغير ما صغَّر الله ..
وقال إبراهيم الخوَّاص : المراقبه .. خلوص السرّ والعلن لله جلَّ في علاه .. من علم .. أنَّ الله يراه حيث كان .. وأنَّ الله مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانتيته .. واستحضر ذلك في خلوته .. أوجب له ذلك العلم واليقين .. ترك المعاصي والذنوب ..
أو كما قال .. الشافعي : أعزّ الأشياء ثلاثه .. الجود من قله .. والورع في خلوه .. وكلمة الحق عند من يُرجى أو يُخاف .. وقالوا : أعظم العبادات مراقبة الله في سائر الأوقات ..
قال ابن القيم : والمراقبه .. هي التعبد بأسمائه : الرقيب .. الحفيظ .. العليم .. السميع .. البصير .. فمن عقل هذه الأسماء وتعبَّد بمقتضاها حصلت له المراقبه ..
إذا أردت أن تعرف مدى إيمانك .. فراقب نفسك في الخلوات .. راقب نفسك في الخلوات .. إنَّ الإيمان لا يظهر .. في صلاة ركعتين ، أو صيام نهار ..
بل يظهر .. في مجاهدة النفس والهوى .. والله .. ما صعد يوسف عليه والسلام ولا سعُد .. إلاّ في مثل ذلك المقام
....{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } .. سورة النازعات 40-41
من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله ..؟؟؟
رجل ذكر الله خالياً فاضت عيناه .. وآخر دعته امرأه ذات حسن وجمال فقال :
إني أخاف الله ..
أف للذنوب .. أف للذنوب .. ما أقبح آثارها .. وما أسوأ أخبارها .. وهل تحدث الذنوب إلاّ في الغفلات ، والخلوات ..
يا من لا يصبر لحظةً عما يشتهي .. قل من أنت ؟!.. وما علمك ؟!..
وإلى أي مقام ارتفع قدرك ؟!..
بالله عليك ..أتدري من الرجل ؟!!..
الرجل والله .. من إذا خلا بما يحب من المحرم .. وقدر عليه .. تذكر ، وتفكر ، وعلم .. أنَّ الله يراه .. ونظر نظرة الحق إليه .. فاستحى من ربه ..كيف يعصاه وهو يراه .. هيهات .. هيهات .. والله .. لن تنال ولاية الله .. حتى تكون معاملتك له خالصه .. والله ..لن تنال ولايته ..حتى تترك شهواتك ..
وتصبر على مكروهاتك .. وتبذل نفسك لمرضاته .. الله .. الله ..
في مراقبة الحق جل في علاه .. الله .. الله .. في الخلوات .. الله .. الله .. في البواطن .. الله .. الله .. في النيات ..
فإنَّ عليكم من الله عيناً ناظره
..(( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ، الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) سورة الشعراء 217-220
قال ابن رجب رحمه الله :
"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسه باطنه للعبد لا يطّلع عليها الناس".
وقال بعضهم : ( كم من معصية في الخفاء منعني منها قوله تعالى : " ولمن خاف مقام ربه جنتان " ) .
" إن الحسره كل الحسره ، والمصيبه كل المصيبه : أن نجد راحتنا حين نعصي الله تعالى "
قال ابن رجب الحنبلي : يا ضيعة العمر إن نجا السامع وهلك المسموع، ويا خيبة المسعى إن وصل التابع وهلك المتبوع