![]() |
![]() |
|
#1 | |||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]()
|
خرجت المسكينة من عندهم وهي بحالة انهيار، أما الأم فقد اتصلت بابنها لتبلغه بتمسكها برأيها ورفضه مجدداً وبما انه كان شبه متأكد من ردها لكنه أراد إعطاءها الفرصة الأخيرة قبل أن يتوجه الى المحكمة ويطلب ضم ابن شقيقه إليه لأن والدته “ليست أهلاً لتربيته مادياً وأخلاقياً”. وَقْع الخبر عليها كان قويا كادت أن تنهار، أصبح البكاء رفيقها وقوتها، ظلت تصلي وتدعو الله أن يلهمها ويهدي أهل زوجها، وبعد تفكير اتصلت بمحامية صديقة لها من أيام الثانوية وأخبرتها قصتها فقالت لها لا تخافي، بإذن الله سوف تحتفظين بولدك ولن يأخذه منك أحد، وفعلا بدأت المحامية عملها وأثبتت أن القضية ترتكز على كذبة ابتدعها شقيق زوجها لأنها رفضت الزواج به، وبما أن ادعاءاته كانت مجرد كلام ولا إثبات لديه قرر القاضي أن تحتفظ الأم بولدها ولا تحق لهم رؤيته إلا إذا سمحت هي ويحق لها أن ترفع عليه قضية أخرى تتهمه فيها بالقدح والذم.. فرحت ام ناصر كثيرا، لم يهمها المال الذي لم يعيدوه لها والذي هو من حق صغيرها، وأوكلت أمرها لله عز وجلّ وبدأت بالبحث عن عمل يعينها على مصاريفها فلم تجد الا الذئاب التي تحاول أن تنهش لحمها، وما الذي تستطيع أن تفعله فهي لم تكمل دراستها وتعلم أن الجامعيات لم يجدن فرصة بالرغم من الشهادات التي يحملنها فقررت أن تتعلم الخياطة وتعمل في منزلها وهكذا كان، بدأت بالتدرب على جيرانها وصديقاتها، تطبق عليهن ما تعلمته في المعهد، تشتري قماشا رخيصا وتخيطه حتى إذا أفسدته لا تندم عليه، وبما انها محبوبة في الفريج صرن يقصدنها ويساعدنها بجلب الزبائن. اشتهرت ام ناصر وأصبحت تنافس الكثيرات، واشتهرت بدقة مواعيدها وبراعة عملها وأسعارها المدروسة، أصبحت حالتها المادية ممتازة وكانت غير مبذرة فكل الذي تجنيه تضعه في حساب خاص بناصر حتى عندما يكبر تكون قد جمعت له ثروة ويستطيع أن يفعل به ما يشاء، فهو سبب كدها وسهرها لأنه محور حياتها، نسيت شبابها وحياتها من أجله وكانت كل ما ترجوه أن يصبح شاباً مثالياً كوالده رحمة الله عليه. أصبح ناصر شاباً وسيماً مؤدباً محبوبا من الجميع لما يتمتع به من أخلاق وكياسة واحترام للصغير كما الكبير كان جاداً بدراسته وحياته عامة، وكان يحب جارتهم حباً كبيراً منذ أن كان يافعا وكان يحلم باليوم الذي تصبح فيه زوجته، وبما أن والدته لم ترفض له طلبا مهما كان فقد وعدته أن تطلبها من أهلها حالما يتخرج في جامعته ويتسلم وظيفته التي كانت بانتظاره نظراً لتفوقه. تزوج ناصر من الفتاة التي أحب، وأقيمت الأفراح ليالي عدة سافرا بعدها لقضاء شهر العسل، اما والدته التي لم تتوقف دموعها فهذه أول مرة يتركها فيها وحيدها لكنها كانت فرحة جدا وتحلم بأحفادها وكيف ستربيهم كما فعلت مع والدهم. بعد مرور أسبوع، تفاجئت الأم بوصول ناصر، كان الحزن باديا عليه قبل يديها وهو يقول لها كم هو مشتاق لها فسألته لماذا عدت باكرا؟ فصمت وزاغت عيناه، جفلت أمه وقالت أرجوك يا بني اخبرني ما الذي جرى أين زوجتك؟ قال اسمعيني جيدا يا أمي، إن المرأة التي تزوجتها كانت تخفي وجهها بقناع الرقة والطيبة لكن وبمجرد أن تزوجنا أخبرتني بكل وقاحة بأنها لن تقبل العيش معك في منزل واحد، اعتقدتها تمزح لكنها كانت جادة وهذا ما أحزنني، شعرت بأنها ظلت تمثل حتى تزوجتها وهي تعتقد بأنها سوف تضغط علي بذلك وبسبب حبي الكبير لها وأنا منذ ذلك الوقت أحاول إقناعها بأن تبدل رأيها لكني لم انجح لذلك عدنا وهي الآن عند أهلها، قالت له: اسمعني يا لغالي أنا أمك صحيح لكني الماضي وهي المستقبل وكل امرأة يا ولدي تحب أن يكون لها منزلها الخاص، مملكتها فأنا لا ألومها، على كل حال سأذهب دائما لزيارتكم وسوف تحبني مع الأيام، لا عليك ثق بي واذهب وصالحها وإن شاء الله سيكون لها ما تريد.. رفض ناصر رفضا قاطعا وقال لا! ابدا فأنا مهما أحببتها أستطيع أن أنساها وأحب غيرها لكن أنت فمن أين آتي بأم أخرى غيرك، لا يا أمي انا لست بجاحد واقدر تضحياتك من اجلي، وسامحيني لأني جعلت دموعك الغالية تتدحرج من عينيك، لن أتركك أبداً يا أغلى الناس. منقول عن جريدة الخليج المصدر: منتدى الخليج
|
||||||||||
|
|