![]() |
![]() |
|
#1 | |||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
الكاتب: أد../ عبد الحي الفرماوي وذكرى حجته عليه الصلاة والسلام ، وهي المسماة بـ "حجة الوداع"، ذكرها العلامة: صفي الرحمن المباركفوري في كتابه القيم "الرحيق المختوم" تحت عنوان ( حجة الوداع ). وكتب فيها يقول جزاه الله خيرا(1): تمت أعمال الدعوة ، وإبلاغ الرسالة ، وبناء مجتمع جديد على أساس إثبات الألوهية لله ، ونفيها عن غيره ، وعلى أساس رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكأن هاتفا خفيا انبعث في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يشعره أن مقامه في الدنيا قد أوشك على النهاية ، حتى إنه حين بعث معاذا على اليمن سنة 10هـ قال له فيما قال : يا معاذ ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري ، فبكى معاذ خشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم . النبي يرى ثمار دعوته وشاء الله أن يرى رسوله صلى الله عليه وسلم ثمار دعوته ، التي عانى في سبيلها ألوانا من المتاعب بضعا وعشرين عاما ، فيجتمع في أطراف مكة بأفراد قبائل العرب وممثليها ، فيأخذوا منه شرائع الدين وأحكامه ، ويأخذ منهم الشهادة على أنه أدى الأمانة ، وبلغ الرسالة ، ونصح الأمة . أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بقصده لهذه الحجة المبرورة المشهودة ، فقدم المدينة بشر كثير ، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم(2). وفي يوم السبت لأربع بقين من ذي القعدة تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم للرحيل(3)، فترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه وقلد بدنه ، وانطلق بعد الظهر ، حتى بلغ ذا الحليفة قبل أن يصلي العصر ، فصلاها ركعتين ، وبات هناك حتى أصبح ، فلما أصبح قال لأصحابه : أتاني الليلة آت من ربي فقال : صل في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة(4). وقبل أن يصلي الظهر اغتسل لإحرامه ، ثم طيبته عائشة بيدها في بدنه ورأسه ، حتى كان الطيب يرى في مفارقه ولحيته ، ثم استدامه ولم يغسله ، ثم لبس إزاره ورداءه ، ثم صلى الظهر ركعتين ، ثم أهل بالحج والعمرة في مصلاه ، وقرن بينهما ، ثم خرج ، فركب القصواء ، فأهل أيضا ، ثم أهل لما استقلت به على البيداء. ثم واصل سيره حتى قرب من مكة ، فبات بذي طوى ، ثم دخل مكة بعد أن صلى الفجر واغتسل من صباح يوم الأحد لأربع ليال خلون من ذي الحجة سنة 10هـ ـ وقد قضى في الطريق ثمان ليال ، وهي المسافة الوسطى ـ فلما دخل المسجد الحرام طاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، ولم يحل ، لأنه كان قارنا قد ساق معه الهدى ، فنزل بأعلى مكة عند الحجون ، وأقام هناك ، ولم يعد إلى الطواف غير طواف الحج. وأمر من لم يكن معه هدى من أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة ، فيطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم يحلوا حلالا تاما ، فترددوا ، فقال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ، ولولا أن معي الهدي لأحللت ، فحل من لم يكن معه هدى ، وسمعوا وأطاعوا . النبي في يوم التروية وفي اليوم الثامن من ذي الحجة ـ وهو يوم التروية ـ توجه إلى منى ، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ـ خمس صلوات ـ ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ، فأجاز حتى أتى عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها ، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، فأتى بطن الوادي ، وقد اجتمع حوله مائة ألف وأربعة وعشرون أو أربعة وأربعون ألفا من الناس ، فقام فيهم خطيبا ، وألقى هذه الخطبة الجامعة : أيها الناس ، اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعل لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا(5)، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا . ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ـ وكان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ـ وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله . فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ، كتاب الله(6). أيها الناس ، إنه لا نبي بعدي ، ولا أمة بعدي ، ألا فاعبدوا ربكم ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، طيبة بها أنفسكم ، وتحجون بيت ربكم ، وأطيعوا أولات أمركم ، تدخلوا جنة ربكم(7)، وأنتم تسألون عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء ، وينكتها إلى الناس "اللهم اشهد". ثلاث مرات(8). وكان الذي يصر في الناس بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو بعرفة ـ ربيعة ابن أمية بن خلف(9). اليوم أكملت لكم دينكم وبعد أن فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [ المائدة : 3] وعندما سمعها عمر بكى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان (10). وبعد الخطبة أذن بلال ثم أقام ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم ركب حتى أتى الموقف ، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه ، واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة ، ودفع حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، فدعاه ، وكبره ، وهلله ، ووحده ، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا. فدفع ـ من المزدلفة إلى منى ـ قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن العباس حتى أتى بطن محسر ، فحرك قليلا ، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة ـ وهي الجمرة الكبرى نفسها ، كانت عندها شجرة في ذلك الزمان ، وتسمى بجمرة العقبة وبالجمرة الأولى ـ فرماها بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة منها ، مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ، ثم انصرف إلى المنحر ، فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ، ثم أعطى عليا فنحر ما غير ـ وهي سبع وثلاثون بدنة ، تمام المائة ـ وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر ، فطبخت ، فأكلا من لحمها ، وشربا من مرقها. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأفاض إلى البيت ، فصلى بمكة الظهر ، فأتى على بني عبد المطلب يسقون على زمزم ، فقال : انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ، فناولوه دلوا فشرب منه(12). وخطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ـ عاشر ذي الحجة ـ أيضا حين ارتفع الضحى ، وهو على بغلة شهباء ، وعلى يعبر عنه ، والناس بين قائم وقاعد(13). وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه أمس ، فقد روى الشيخان عن أبي بكر قال : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ، قال : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثلاث متواليات ، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان". وقال : " أي شهر هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا: بلى . قال : أي بلد هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليست البلدة ؟ قلنا: بلى . فأي يوم هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس يوم النحر ؟ قلنا: بلى. قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا ، في شهركم هذا"، "وستلقون ربكم ، فيسألكم عن أعمالكم ، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض"، "ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم ، قال : الله أشهد ، فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع"(14). وفي رواية أنه قال في تلك الخطبة : " ألا لا يجني جان إلا على نفسه ، ألا يجني جان على ولده ، ولا مولود على والده ، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا ، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم ، فسيرضى به"(15)، وأقام أيام التشريق بمنى يؤدي المناسك ويعلم الشرائع ، ويذكر الله ، ويقيم سنن الهدى من ملة إبراهيم ، ويمحو آثار الشرك ومعالمها ، وقد خطب في بعض أيام التشريق أيضا ، فقد روى أبو داود بإسناد حسن عن سراء بنت نبهان قالت : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرءوس ، فقال : أليس هذا أوسط أيام التشريق(15)، وكانت خطبته في هذا اليوم مثل خطبته يوم النحر ، ووقعت هذه الخطبة عقب نزول سورة النصر. نفر النبي صلى الله عليه وسلم من منى وفي يوم النفر الثاني ـ الثالث عشر من ذي الحجة ـ نفر النبي صلى الله عليه وسلم من منى ، فنزل بخيف بني كنانة من الأبطح، وأقام هناك بقية يومه ذلك ، وليلته ، وصلى هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ثم رقد رقدة ، ثم ركب إلى البيت ، فطاف به طواف الوداع . ولما قضى مناسكه حث الركاب إلى المدينة المطهرة ، لا ليأخذ حظا من الراحة ، بل ليستأنف الكفاح والكدح لله وفي سبيل الله (16). * للاطلاع تفاصيل سيرة النبي العطرة في كتب السنة التالية : ـ 1ـصحيح البخاري . . كتاب الحج . 2ـصحيح مسلم . . كتاب الحج ، باب : حجة النبي صلى الله عليه وسلم . 3ـسنن أبي داود . . كتاب المناسك ، باب : صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم. 4ـسنن الترمذي . . كتاب الحج . 5ـسنن النسائي . . كتاب مناسك الحج. 6ـسنن ابن ماجه . . كتاب المناسك ، باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك : تفاصيل مذكورة في كتب السيرة النبوية. المصدر: منتدى الخليج
|
||||||||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ووصايا, الوادع, الرسول |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|