انتحار الملك في عرينه

قـائـمـة الأوسـمـة · #1

انتحار الملك في عرينه

لعل البعض منكم علم بقصة الأسد الذي اغتال مدربه ،
وقتله غدراً في أحد عروض السيرك بالقاهرة ،
واضعاً نهايةً مأساويةً عجيبة لفاجعةٍ مثيرةٍ من فواجع هذا الزمان .

والقصةُ بدأت أمام جمهورٍ غفيرٍ من المشاهدين في السيرك
حينما استدارالمدرّب محمد الحلو ليتلقى تصفيق الجمهور الحاضر ،
بعد عرضٍ ناجحٍ مع الأسد المسمى ((سلطان)) ......
و في لحظة كلمح البرق؛ قفز الأسد(سلطان) على كتفه من الخلف
و أنشب مخالبه و أسنانه في ظهره ... ...
وسقط المدرّب على الأرض ينزف دماً ومن فوقه الأسد الهائج ..
واندفع الجمهور والحراس يحملون الكراسي ،وهجم ابن الحلو على الأسد بقضيبٍ من حديدٍ، وتمكن أن يخلّص أباه بعد فوات الأوان ،
ومات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام ...

..أما الأسدُ" سلطان" فكأنه ادرك خطاء فعلته ،
فأنطوى بعدها على نفسه في حالة اكتئاب شديد ورفض الطعام .....
وقرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوانات باعتباره أسداً شرساً
لا يصلُح لا للسيرك ولا للتدريب....
وفي حديقة الحيوانات اصرّ الأسدُ "سلطان" على إضرابه عن الطعام،
فقدموا له أنثى لتُسرّي عنه ، فضربها في قسوة وطردها ،
وعاود انطواءه وعزلته واكتئابه ....وأخيراً انتابته حالة جنونية،
فراح يعضُ جسده ،وهوى على ذيله بأسنانه فقضمه نصفين ....
ثم راح يعضُ ذراعه ، الذراع نفسها التي اغتال بها مدرّبه ،
وراح يأكل منها في وحشية، وظلَ يأكلُ من لحمها حتى نزف ومات
..... واضعاً بذلك خاتمةً لقصة ندمٍ من نوعٍ فريد .
ندمُ حيوانٍ أعجم، ولكنه ملكٍ نبيلٍ من ملوك الغاب ،
عرف معنى الوفاء، وأصاب منه حظاً لا يُصيبه كثير من الآدميين ....
.أسدٌ قاتلٌ أكل يديه الآثمتين ندماً على فعلته.

كانت آخر كلمة قالها المدرّب (محمد الحلو) وهويصارع الموت
" أوصيكم أن لا تقتلوا "سلطان "، وصية أمانة لا أحد يقتله!!.
.... ..فهل سمع سلطان وصية مدرّبه ؟!!
وهل فهمها ؟!! فتفاعلت في نفسه؟
هل عرف معنى الندم ؟!!
وهل عاقب نفسه على جريمته؟! .

درسٌ بليغٌ يُعطيه حيوانٌ اعجم للمسوخ البشرية التي تأكل شعوبها ،
وتقتل الملايين في برودٍ، وهي تقرع الكؤوس وتتبادل الأنخاب وكأن شيئاً لم يحدث!!
.... ودرسٌ للذي يقتل الابرياء صباح مساء ،
ولا يشعر ببشاعة ما يفعل..ثم ينام قرير العين بملىء جفنيه ..!!.

من مجموعة "خواطرمتفرقة "
للدكتور عبدالحميد القضاة.
..قبل الطباعه

المصدر: منتدى الخليج