منذ /04-10-2013, 08:25 PM
#1
|
|
رقم العضوية :
11568
|
|
تاريخ التسجيل :
Dec 2011
|
|
الجنس
:
ذكر
|
|
الدولة :
Iraq
|
|
مجموع المشاركات :
10,688
|
النقاط :
|
|
تقييم المستوى :
10
|
|
قوة التقييم :
2139
|
|
|
|
تفسير العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى عز وجل لقوله:
( آنا ما جعلنا علي ٱلأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ) (الكهف: 7)
\
قال رحمه الله:
إذا تأملت القرآن تجد أنه غالبا يقدم الشرع على الخلق، قال الله تعالى: { ٱلرحمن) 1 (علم ٱلقرءان) 2 (خلق ٱلإنسن } [الرحمن]،
وتأمل الآيات في هذا المعنى تجد أن الله يبدأ بالشرائع قبل ذكر الخلق وما يتعلق به؛ لأن المخلوقات إنما سخرت للقيام بطاعة الله عز وجل،
قال الله تبارك وتعالى: { وما خلقت ٱلجن وٱلإنس إلا ليعبدون } (الذاريات: 56)،
وقال { هو ٱلذى خلق لكم ما فى ٱلأرض جميعا } (البقرة: الآية 29)
إذا المهم القيام بطاعة الله، وتأمل هذه النكتة حتى يتبين لك أن أصل الدنيا وإيجاد الدنيا، إنما هو للقيام بشريعة الله عز وجل.
قوله تعالى: { إنا جعلنا } أي صيرنا، وجعل تأتي بمعنى: خلق وبمعنى صير، فإن تعدت لمفعول واحد فإنها بمعنى "خلق"،
مثل قوله تعالى: { وجعل ٱلظلمت وٱلنور } (الأنعام: الآية 1) وإن تعدت لمفعولين فهي بمعنى صير،
مثل قوله تعالى: { إنا جعلنه قرءنا عربيا لعلكم تعقلون } (الزخرف: 3): أي صيرناه بلغة العرب، وإنما نبهت على ذلك؛
لأن الجهمية يقولون: إن الجعل بمعنى الخلق في جميع المواضع، ويقولون: معنى قوله تعالى: { إنا جعلنه قرءنا عربيا }: أي خلقناه، ولكن هذا غلط على اللغة العربية.
( إنا جعلنا ما على ٱلأرض زينة لها ) هنا جعل بمعنى صير فالمفعول الأول "ما" والمفعول الثاني
"زينة" أي أن ما على الأرض جعله الله زينة للأرض وذلك لاختبار الناس. هل يتعلقون بهذه الزينة أم يتعلقون بالخالق؟ الناس ينقسمون إلى قسمين،
منهم من يتعلق بالزينة ومنهم من يتعلق بالخالق، واسمع آلي قوله تعالى مبينا هذا الأمر.
{ وٱتل عليهم نبأ ٱلذى ءاتينه ءايتنا فٱنسلخ منها فأتبعه ٱلشيطن فكان من ٱلغاوين } (الأعراف: 175)
{ ولو شئنا لرفعنه بها ولكنه أخلد آلي ٱلأرض وٱتبع هوىه فمثله كمثل ٱلكلب إن تحمل عليه وتتركه يلهث، or يلهث
ذلك مثل ٱلقوم ٱلذين كذبوا بايتنا فٱقصص ٱلقصص لعلهم يتفكرون } (الأعراف: 176)
إذا جعل الله الزينة لاختبار العباد، سواء أكانت هذه الزينة فيما خلقه الله عز وجل وأوجده، أم مما صنعه الآدمي،
فالقصور الفخمة المزخرفة زينة ولا شك، ولكنها من صنع الآدمي،
والأرض بجبالها وأنهارها ونباتها وإذا أنزل الله الماء عليها اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، هذه زينة من عند الله تعالى.
قوله تعالى: { لنبلوهم } أي نختبرهم.
وقوله تعالى: { أيهم أحسن عملا} الضمير يعود للخلق، وتأمل قوله تعالى : {
أحسن عملا } ولم يقل: "أكثر عملا"؛ لأن العبرة بالأحسن لا بالأكثر ، وعلى هذا لو صلى الإنسان أربع ركعات لكن على يقين ضعيف أو على إخلال باتباع الشرع، وصلى آخر ركعتين بيقين قوي ومتابعة قوية فأيهما أحسن؟ الثاني؛ بلا شك أحسن وأفضل، لأن العبرة بإحسان العمل وإتقانه إخلاصا ومتابعة.
في بعض العبادات الأفضل التخفيف كركعتي الفجر مثلا، لو قال إنسان: أنا أحب أن أطيل فيها في قراءة القرآن وفي الركوع والسجود والقيام، وآخر قال: أنا أريد أن أخفف، فالثاني أفضل؛ ولهذا ينبغي لنا إذا رأينا عاميا يطيل في ركعتي الفجر أن نسأله: "هل هاتان الركعتان ركعتا الفجر أو تحية المسجد؟". فإن كانت تحية المسجد فشأنه، وإن كانت ركعتي الفجر قلنا: لا، الأفضل أن تخفف، وفي الصيام رخص صلى الله عليه وسلم لأمته أن يواصلوا إلى السحر، وندبهم إلى أن يفطروا من حين غروب الشمس، فصام رجلان أحدهما امتد صومه إلى السحور والثاني أفطر من حين غابت الشمس، فأيهما أفضل؟ الثاني أفضل بلا شك، والأول وإن كان لا ينهى عنه فإنه جائز ولكنه غير مشروع، فانتبه لهذا { أيهم أحسن عملا } ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم يفعل من العبادات ما كان أحسن: يحث على اتباع الجنائز وتمر به الجنائز ولا يتبعها، يحث على أن نصوم يوما ونفطر يوما ومع ذلك هو لا يفعل هذا، بل كان أحيانا يطيل الصوم حتى يقال: لا يفطر، وبالعكس يفطر حتى يقال: لا يصوم، كل هذا يتبع ما كان أرضى لله عز وجل وأصلح لقلبه. |

|
|
|
|