منذ /04-15-2012, 09:18 PM
#1
|
رقم العضوية :
9069
|
تاريخ التسجيل :
Nov 2010
|
الجنس
:
أنثى
|
الدولة :
Bahrain
|
مجموع المشاركات :
4,801
|
النقاط :
|
تقييم المستوى :
10
|
قوة التقييم :
962
|
|
|
قد أمر الله بأن نذكره ونستأذنه إذا أردنا أن نخطط لشيء سوف نفعله غدا، يقول تعالى في سورة الكهف «وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً(٢٣) إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً (٢٤)» وغدا هنا في الآية الكريمة لا تعني اليوم التالي وفقط، بل يمكن أن يكون بعد اسبوع أو شهرا مثلا، والتخطيط أمر مهم، يجب ألا نغفل عنه، وقد علمنا الحق ذلك وأعطى لنا مثالا في خلقه للسماوات والأرض، فهو سبحانه قد خلقها في ستة أيام، يقول تعالى: «إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنلاجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبلا الْعَالَمِينَ) (لأعراف:٥٤) ثم بعد ذلك قسم هذه الأيام الستة إلى ثلاثة أقسام، بحيث أنه سبحانه قد حدد شيئا سوف يفعله في كل يومين، يقول تعالى: «قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبلا الْعَالَمِينَ × وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ × ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ × فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدلانْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ». }فصلت:٩-١٢{. وهذا دليل على التخطيط المحكم من الله ودليل إرشاد وتعليم لنا، لأن الله سبحانه قادر على أن يقول للشيء كن فيكون، فكما يقال أمره بين الكاف والنون، جلت قدرته، وبالتالي فإننا يجب ألا نتكاسل أبدا، اعتمادا على فهم خاطئ مثلا، للتوكل على الله، أو اعتمادا على أننا نسأل الله وهو سوف يساعدنا من دون أن نفعل شيئا، نعم نحن على يقين بأن الله معنا ولكن عندما نأخذ بكل الأسباب، ولا نترك فرصة للشيطان، جنا كان أم انسا، لكي يفسد علينا أمورنا، فالحق سبحانه أمرنا أن نخطط ونعمل ونجتهد، ثم لا ننسى أن نقول ان شاء الله سوف أفعل كذا وكذا، هذا الفهم يجب ان يكون حاضرا في الأذهان، لأن الأمر مهم، وأحيانا تدخل علينا افكار من هنا أو هناك حول هذا الأمر، وخاصة عندما نقول ان شاء الله سوف أفعل ذلك الأمر في يوم ما، ويكون على الجانب الآخر أناس على ديانة أخرى، ولا يقولون ذلك، ويعتقدون أن ذلك لن يؤثر فيما سوف يفعلون، وقد عايشت هذا بنفسي عندما كنت أعيش في انجلترا، بعض الناس ممن عرفت كانوا يتعجبون ويقولون لي لماذا تقول ذلك، مثلا اذا كان هناك ميعاد معين ومحدد الوقت لمقابلة شخص ما، فسوف تذهب إلى ذلك المكان وتقابل الشخص، وبالفعل ذهبت وقابلت، فلمَ تقول ان شاء الله؟ الأمر لا يحتاج إلى جدال طويل، ونضرب لذلك مثلا، هب ان هناك طريقا سوف يسلكه شخصان، أحدهما علم أن في الطريق يوجد بعض المخاطر التي تحتاج إلى أن يؤمن نفسه، ويحتاط لها، وذلك بعد أن سعى في الأمر وسأل وعرف به، ولم يترك نفسه للتواكل، والآخر لا يدري شيئا عن الطريق، ولم يكلف نفسه بالسؤال عمّا إذا كان هناك شيء خطر في الطريق، ثم انطلق يمشي من دون حذر، ثم وقع له ما لا يحمد عقباه، أما الآخر فقد احتاط لنفسه، فمشى في الطريق وتفادى الخطر، فوصل سالما، هكذا عندما نقول إن شاء الله، فإننا نحتاط لأنفسنا ونستعين بالله، لأن الله يقول لنا ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، فلا يعقل أن يذهب إنسان إلى مكان مرتفع مثلا ثم يلقي بنفسه من فوقه، هذا إهلاك للنفس، وهكذا فإن الأمر سهل ولا يحتاج إلى جدال طويل، وأمر الله لنا أن نقول ان شاء الله سوف أفعل كذا، نزلت على اثر قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سألوه عن أصحاب الكهف، فقال لهم سوف أخبركم غدا،من دون أن يعقب بقوله ان شاء الله، وهنا وجب علينا أن نؤكد أمرا وهو أن الله يجري على رسوله من الأمور ما لا يجريه على البشر، فكل عتاب أو تذكير أو وحي للرسول هو امتداد للتعليم والتأديب للرسول، الذي بدوره ينقله إلينا منهاجا وتعليما وتأديبا نتبعه ونسير عليه، ولذلك عندما نسي الرسول أن يقول ان شاء الله، تأخر الوحي على الرسول، حتى ظن المنافقون والمشركون أن الله قد ترك رسوله ولم يجبه، ولكن هذا التأخير فيه تأكيد وتذكير، فعندما نزل الوحي على الرسول، ساق إليه قصة أصحاب الكهف، حتى انتهى منها، ثم أعقبها الحق بتذكير لرسوله، بقوله في سورة الكهف، «وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً(٢٣) إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً (٢٤)»، فقد أورد الأمام القرطبي في تفسيره حول هذه الآية - قَالَ الْعُلَمَاء عَاتَبَ اللَّه تَعَالَى نَبِيّه عَلَيْهِ السَّلام عَلَى قَوْله لِلْكُفَّارِ حِين سَأَلُوهُ عَنْ الرلاوح وَالْفِتْيَة وَذِي الْقَرْنَيْنِ: غَدًا أُخْبِركُمْ بِجَوَابِ أَسْئِلَتكُمْ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي ذَلِكَ. فَاحْتَبَسَ الْوَحْي عَنْهُ خَمْسَة عَشَر يَوْمًا حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَرْجَفَ الْكُفَّار بِهِ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السلاورَة مُفَرِّجَة. وَأُمِرَ فِي هَذِهِ اْلآيَة أَلا يَقُول فِي أَمْر مِنْ الأُمُور إِنِّي أَفْعَل غَدًا كَذَا وَكَذَا، إِلاّ أَنْ يُعَلِّق ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى لا يَكُون مُحَقِّقًا لِحُكْمِ الْخَبَر؛ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ: لأفْعَلَنَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَل كَانَ كَاذِبًا، وَإِذَا قَالَ لأفْعَلَنَّ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُون مُحَقِّقًا لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ. وَاللام فِي قَوْله «لِشَيْء» بِمَنْزِلَةِ فِي، أَوْ كَأَنَّهُ قَالَ لأجْلِ شَيْء ، وهكذا فإن الله يأمرنا بذكره دائما، لأن في هذا كل الخير لنا، حتى إن نسينا، فإن الله لم يتركنا، بل أمرنا ان نذكره بعد النسيان، وهذا من فضل الله علينا، فكما أخبر المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم في معنى الحديث «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، فاللهم لك الحمد والشكر على نعمة الذكر.

|
|
|