ميادين جدة الزائلة وميادين أوروبا الخالدة



صرح معالي أمين مدينة جدة بأن الأمانة تعتزم إزالة ميادين الفلك والدراجة والجواد الأبيض هذا العام (عكاظ ــ 28 صفر 1433هـ). مسكينة هي جدة التي لم تعد تتطلع إلى الأمام بل كل ما أصبحت ترجوه هو ألا تطمس معالمها وتختفي هويتها بالكامل فتتحول إلى مجرد شوارع وأنفاق وكباري ليس فيها أي إبداع وليس لها طعم أو ذوق. أتذكر بحسرة ميادين طارق بن زياد والطائرة والصاروخ (الحديد) التي تم تحطيمها. لا بد أن الدور قادم إلى ميدان الكرة الأرضية. ولا يستبعد أن تجد أمانة جدة يوما ما تبريرا منطقيا لإزالة نافورة جدة. أحاول أن أنذكر عشرات الميادين التي رصعت مدن أوروبا الكبرى لعشرات السنين ولاتزال تقف شامخة بكل فخر واعتزاز تجتذب ملايين السياح مثل ميدان قوس النصر في باريس وميادين الطرف الأغر وكليوباترا وبيكاديللي وماربل آرش في لندن وميادين روما بنوافيرها التي نحتتها أنامل مايكل أنجلو وغيره من كبار فناني القرون الماضية.. أتساءل: هل هذه المدن أقل من مدينة جدة في عدد السكان والسيارات أو في كثافة الحركة المرورية؟ لماذا لم يتوصل أمناء هذه المدن إلى نفس النتيجة العبقرية التي توصلت إليها أمانة جدة بضرورة إزالة ميادينها ومعالمها واحدا تلو الآخر لحل مشكلات المرور فيها؟. لا بد أن هؤلاء الأمناء أقل ذكاء ومعرفة بالنواحي الهندسية أو أنهم أقل إخلاصا وحرصا على المال العام من أمانة جدة لأنهم لم يتوصلوا إلى هذا الحل البديهي الأمثل والأرخص بل اتجهوا إلى حلول أخرى مكلفة مثل إنشاء شبكات المواصلات العامة من حافلات ومترو، ومثل توجيه حركة السير بعيدا عن هذه الميادين، وتقليص دخول السيارات إلى المناطق المزدحمة ووسط المدينة.. أتساءل أيضا: ألا يمكن أن يكون النفق، إذا كان لا بد من إنشائه، على شكل نصف دائرة بحيث يلف حول الميدان بدلا من اختراقه مباشرة وتحطيمه؟.. أتساءل أخيرا: هل تتوقع أمانة جدة بأن إزالة ميادين جدة الشهيرة ستحل مشكلات المرور فيها، وهل انحلت مشكلة الازدحام في المناطق التي ليس بها ميادين ؟، كلنا مع إنشاء الأنفاق والكباري على الطرق الدائرية والسريعة التي عادة ما تكون خارج وسط البلد عدا بعض مناطق الاختناق الضرورية. أما وسط البلد وعلى الكورنيش فيجب أن تتقلص حركة السيارات قدر الإمكان مع توفير المواقف والمواصلات العامة وتشجيع حركة المشي والتسوق الهادئ وإبراز المعالم التاريخية ونشر الساحات والمقاهي والنشاطات الترفيهية.
في اعتقادي أن ميداني الفلك والدراجة مثل ميدان الكرة الأرضية هي معالم أساسية لجدة تشكل خطوطا حمراء لا ينبغي المساس بها بل يجب توجيه حركة السير بعيدا عنها لتخفيف الازدحام إلى المستوى المناسب أو تفادي هدمها بأي وسائل أخرى. كذلك نطالب بإعادة ميدان طارق بن زياد وغيره إلى ما كانوا عليه..
وأخيرا نقول لأمانة جدة، كفى تحطيما لهوية مدينتنا ومعالمها. نريد حلولا حقيقية مثل مترو دبي وشبكة حافلاتها الحقيقيه . ولا نريد رتوشا ولا حلولا صورية مؤقتة تمسخ معالم جدة ولا تسمن ولا تغني من جوع.