منتدى الخليج - المعاق سمعيآ والتدخل المبكر

.. لتدخل المبكر يساعد على منع تطور هذه المشكلات الثانوية او تخفيف حدتها كما أنه يمكن الاستفادة من المرحلة الحرجة لتطور اللغة والكلام الى أقصى درجة ممكنة ويساعد على الحفاظ على التطور المتزامن للقدرات المختلفة للطفل ويساعد التدخل المبكر ايضا على تعليم الوالدين كيفية التعامل مع طفلهم وكيفية التغلب على المشكلات المختلفة التي تنشأ عن اعاقته كما انه يخفف التكاليف المادية لعلاج وتأهيل الطفل في المستقبل وقد التقينا بالدكتورة رندا الامام على هامش المحاضرة التي ألقتها عن ( أسس التدخل المبكر عند المعاقين سمعياً ) بدعوة من الاتحاد النسائي بحلب لتحدثنا عن هذه الاعاقة ومبررات التدخل المبكر والبرنامج التأهيلي الموجه للأهل والطفل فقالت:‏

إن مفهوم التدخل المبكر ليس مفهوما حديثا ولكن تطور وسائل التشخيص وتطور المعينات السمعية وتغير وجهات نظر العاملين في هذا المجال جعل التدخل المبكر وممارسته متبعة في كل دول العالم المتقدم يأخذ التدخل المبكر عدة اتجاهات هي التدخل الطبي والجراحي والتعويضي والتأهيلي.‏

يشمل التدخل المبكر التأهيلي ارشاد الاسرة وتثقيفها ومساعدة الطفل من النواحي الاجتماعية والانفعالية والنفسية والتدريب السمعي واللغوي والنطقي.‏
يهدف التدخل التأهيلي على المدى البعيد الى أن يتطور الطفل الى شخص بالغ يعتمد على نفسه ويمتلك القدرة على اختيار ومتابعة طريقه في الحياة أما على المدى القريب فإنه يهدف الى مساعدة الأهل على التأقلم مع الوضع الذي تفرضه عليهم اعاقة طفلهم والى تطور استفادة الطفل من البقايا السمعية لديه وتطور المهارات الادراكية واللغوية لديه ووصوله الى مستوى من النضج الاجتماعي والانفعالي متناسب مع عمره .‏
إن مركز التعلم للطفل الصغير هو في منزله والأهل هم المعلم الأول والطبيعي للطفل لذا فإن البرامج الموجهة للأهل والطفل تشكل اساس التدخل المبكر التأهيلي وهي تأخذ أشكالا مختلفة بحسب احتياجات الطفل والأهل منها مايرتكز على الزيارات المنزلية ومنها مايعتمد بشكل اساسي على المركز التخصصي ومنها مايقدم خدماته في الروضة الخاصة بالمعاقين سمعياً أو في الروضة العادية كما تقدم بعض المراكز برنامجا مكثفا قصير الأمد أو برنامجاً للمراسلة وتشكل اجتماعات الأهل جزءاً هاماً من العملية التأهيلية.‏
إن برنامج التدخل المبكر الناجح يستوجب وجود فريق متعدد التخصصات من أجل خدمة الأهل والطفل كما يستوجب التعاون والتنسيق بين المؤسسات المساهمة في العملية التشخيصية والعلاجية والتأهيلية.‏
مبررات التدخل المبكر‏
إن التدخل المبكر يساعد على :‏
- الوقاية من تطور المشكلات الثانوية والمحافظة على التطور المتزامن لقدرات الطفل في المجالات المختلفة‏
- التركيز على المرحلة الحرجة لتطور اللغة والكلام عند الطفل‏
- دعم الأهل من النواحي الانفعالية والعملية‏
- التخفيف من التكاليف المادية لتأهيل المعاقين في المراحل التالية من عمرهم.‏
بما أن الطفل المعاق سمعياً لديه حاجات خاصة تجعله مختلفا عن الاطفال الآخرين فإنه يجب أن تكتشف حاجاته في أسرع وقت ممكن ويجب العمل على تلبية تلك الحاجات في أبكر وقت ممكن ايضاً.‏
إن اسباب ذلك متعددة :‏
- يساعد التدخل المبكر على الوقاية من حدوث المشكلات الثانوية أو التخفيف من حدوثها :‏
وأهمية هذه النقطة تعود الى أن الصعوبات التي يواجهها الطفل المعاق سمعياً تنشأ بشكل اساسي عن المشكلات أو الاعاقات القانوية التي يعاني منها , إن نقص السمع هو ازعاج اما عدم التواصل مع الآخرين فهو مصيبة أو مأساة إن الطفل الذي يصل الى سن المدرسة بدون أن يتطور لديه نظام لغوي فعال هو طفل مهدد بشكل جدي وقد يكون أوان العلاج الضرر الذي حصل لتطوره الاجتماعي والانفعالي قد فات لذا فإن تأهيل الطفل المعاق سمعياً في المراحل العمرية المبكرة يعد هاما جداً وذلك للمحافظة على التطور المتزامن والمتناسق لقدراته المختلفة حيث أن الأطفال يتطورون عبر طرق متوازية متعددة ومترابطة ببعضها هذا يعني على سبيل المثال التطور الحركي ,التطور الادراكي, التطور اللغوي, التطور الاجتماعي وغيرها .. فإن حدث عدم التوافق التطوري فإن افتقاد الطفل لبعض المهارات قد يوجب عليه أن يجد طرقا جديدة ليؤمن احتياجاته وربما يؤدي هذا الى تأثير سلبي على تطوره مثلا الطفل الذي لايمكنه أن يستعمل اللغة لكي يؤثر على الآخرين ويتفاعل معهم فإنه قد يلجأ لنوبات الغضب او للسلوكيات الأخرى غير السوية مما قد يؤدي الى انهيار أسس تطوره الاجتماعي واللغوي.‏
- المبرر الثاني للتدخل المبكر يتعلق بالاستفادة من المرحلة الحرجة لتطور قدرات الطفل:‏
أن السنتين الأولى والثانية أهم بكثير مما كنا نعتقد في الماضي فبالانشطة الحياتية اليومية البسيطة التي يقومون بها يشكل الاطفال الصغار الاسس لكل نموهم المستقبلي حيث أنه من الثابت أن الأطفال يكونون مستعدين عصبيا لاكتساب المهارات الاستقباليةالاساسية والمهارات اللغوية خلال السنوات الأولى من الحياة فالتدخل المبكر يسعى الى استثمار هذه الفترة لتطوير قدرات الطفل فإن لم نستفد من هذا الاستعداد فإنه قد تحدث تغيرات عصبية غير قابلة للعكس وتتدخل هذه التغيرات بعملية التعلم في المراحلة التالية.‏
كلما كان الطفل أصغر عند تشخيص نقص السمع لديه كانت نتائج التدريب اللغوي والنطقي والسمعي المتوقعة أفضل فوضع المعينات السمعية بعمر مبكر سماع لغة طبيعية من الأم بشكل متكرر في هذه المرحلة يجعلان تطوره اللغوي أفضل فتصبح اللغة المنطوقة جزءاً أساسياً من تطوره الكلي وقد بين ماركيديز عام 1986 ان قابلية كلام الاطفال الذين استخدموا المعينات السمعية في الشهور الستة الاولى من العمر للفهم تزيد كثيرا عن اولئك الذين استخدموا المعينات في مرحلة تالية من عمرهم وإن الأطفال الذين يتأخر استعمالهم للمعينات السمعية تكون قد فاتتهم خبرات سمعية هائلة تتعلق بأصواتهم وأصوات الآخرين كما أنهم يكونون قد بدؤوا يتأقلمون مع الحياة دون اللغة المنطوقة بالاضافة لذلك فإن الاطفال تكون لديهم فرص أقل للاستماع للكلام تحت ظروف مثالية بعد السنة الأولى فالاطفال بعد السنة الأولى من العمر يتحركون كثيراً ولمسافات أبعد مما يقلل من فرص التواصل اللغوي المباشر والقريب مع الأم.‏
كلما كان الطفل أكبر سنا عند اعطائه فرصة تعلم الكلام كان من المستبعد أن تكون ظروف التعليم غير الموجه كافية للسماح بالتطور العفوي للغة فالاطفال اما ان يكتسبوا اللغة بشكل عفوي وبسهولة نسبية كنتيجة لتعرضهم الكافي للخبرة الباكرة المناسبة او أنهم يناضلون في اكتساب اللغة عبر سنوات من التعليم الموجه مثلما ينمو جسم الطفل عندما تكون الظروف الفيزيائية مناسبة لأنه مبرمج من أجل ذلك فإنه يبدو أن عقل الطفل سيلتقط اللغة خلال السنوات الأولى إن كانت الظروف الأساسية مناسبة صحيح انه لم يتم بعد تحديد الظروف الاساسية المناسبة لاكتساب اللغة بشكل عفوي ولكن سن الطفل عند تعرضه الأول للتواصل الكلامي هو حتماً من أهمها .‏
- دعم الأهل من النواحي الانفعالية والنفسية :‏
حيث أن الأهل الذين يتم تشخيص الاعاقة السمعية لدى طفلهم يمرون بصعوبات كثيرة فيوجد عندهم شعور بالعجز وخيبة الامل والضياع .. ويكونون بأمس الحاجة للمساعدة في المراحل الأولى خاصة لذا يجب أن تؤمن لهم الاستشارة في هذه المراحل مما يؤثر على نظرتهم لطفلهم ولاعاقته وعلى تعاملهم معه طوال حياته.‏
- يخفف التدخل المبكر من العبء الاقتصادي الذي تشكله الاعاقة على الأسرة والمجتمع :‏
حيث انه بتخفيفه من حدة الاعاقة يخفف من الحاجة للخدمات الخاصة في مراحل العمر التالية ولأن المعاق سمعياً يصبح شخصاً فاعلا في المجتمع وليس عبئا عليه.‏
الاختصاصيون الذين يعملون في فريق التدخل المبكر للمعاقين سمعياً:‏
إن تقديم خدمات التدخل المبكر للمعاقين سمعياً يستوجب مشاركة عدة مؤسسات في العملية ووجود فريق متعدد التخصصات من أجل خدمة الطفل والاهل كما يستوجب التعاون والتنسيق بين المنظمات المشاركة عن طريق اشخاص مسؤولين عن القرارات الهامة المتعلقة بالطفل وأسرته.‏
من الاختصاصيون الذين ينتمون لفريق التدخل المبكر:‏
1- اختصاصي تأهيل المعاقين سمعياً‏
2- اختصاصي نطق ولغة‏
3- اختصاصي قياس السمع‏
4- اختصاصي اجتماعي‏
5- اختصاصي نفسي‏
6- اختصاصي تطور الطفل‏
7- اختصاصي المدرسة العادية.‏
8- الاطباء الاستشاريون( اختصاصي عصبي للأطفال , طبيب اطفال , استشاري وراثة..) كما تمكن الاستعانة بأختصاصيين آخرين إن تطلبت حالة الطفل ( مثل اختصاصي علاج فيزيائي أو اختصاصي بتأهيل حالات الاعاقة الاخرى المرافقة).‏
إن ما يحدد دور وفعالية كل شخص في الفريق هو قدرته وخبراته وإمكاناته أكثر مما تحدده الشهادات العلمية التي حصل عليها.‏
البرنامج التأهيلي الموجه للأهل والطفل‏
كان انتباه المربين موجهاً الى الطفل نفسه لسنوات طويلة مع اهمال الاهل ودورهم الهام والرئيسي في العملية التأهيلية.‏
وقد لخص هورتون أهداف البرنامج التأهيلي للأهل فيما يلي :‏
1- تعليم الأهل أن يجعلوا الجو السمعي المحيط بالطفل مثاليا قدر الامكان‏
2- تعليم الاهل كيف يتكلمون مع طفلهم وكيف يستفيدون من الفعاليات اليومية في تعليم طفلهم بحيث يكون جو المنزل منشطا للطفل وتتطور قدراته السمعية والنطقية واللغوية بشكل يومي مستمر وطبيعي‏
3- تعليم الأهل طرق التدبير السلوكي.‏
4- جعل الأهل يعرفون أسس ومراحل وتسلسل التطور الطبيعي ويشمل التطور اللغوي وتطبيق هذا الهيكل كمرجع في تنبيه طفلهم وتطوير قدراته وإمكاناته.‏
5- تقديم الدعم المعنوي لمساعدة الأهل على التأقلم مع شعورهم تجاه طفلهم ولتخفيف التوتر والضغط النفسي الذي يسببه وجود طفل معاق على سلامة الأسرة واتحاد شملها وتدريبهم على طريق التعامل مع طفلهم وذلك عن طريق مساعدتهم في التعرف على تأثيرات الاعاقة السمعية على الطفل وتقبل تلك التأثيرات مما يخفف من التوتر الناتج عن الاعاقة إن تعليم الآهل أن يفهموا تطور طفلهم وحاجاته الاتصالية وحاجاته للتواصل مع الآخرين وللتعبير عن نفسه إن اختيار وسيلة التواصل هو أقل أهمية من حماسة الأهل والتزامهم بالوسيلة التي يختارونها يمكن للمختصين أن يعطوا المعلومات للأهل ويتركوا لهم الاختيار النهائي أما فرض قرار ما على الأهل فإنه قد يؤدي الى الفشل فإن اختار الاهل لغة الإشارة مثلا فإن هذا يلزم جميع أفراد الاسرة المباشرة ( على الأقل) بتعلم هذه اللغة والتزام استعمالها مع الطفل يجب أن يخفف البرنامج من توتر الأهل تجاه المشكلة جزء من توترهم وشعورهم بالعجز ينبع عن عدم معرفتهم ماذا يفعلون مع الطفل أما ما يدعى العلاج بطلة واحدة (أي استشارة واحدة) فهو نادرا ما يكون فعلاً حيث أن المشكلات الجديدة تظهر بشكل مستمر كما يجب أن تزيد ثقة الأهل بنفسهم وبقدرتهم على التعامل مع طفلهم المعاق سمعياً فيستبدل القلق والتوتر بالعمل الفعال بأداء مهارات مدروسة يتم من خلالها تعزيز تواصلهم مع الطفل.‏

6- تشجيع الأهل ومساعدتهم في تشكيل مجموعات منهم للدفاع عن حقوق الأفراد المعاقين في المجتمع من أجل توفير البرامج التربوية والتأهيلية المناسبة لهم وتوفير مصادر الدعم لهذه البرامج والسعي نحو سن التشريعات والقوانين التي تحمي حقوق الأفراد المعوقين وتهيئة الفرص لاندماج الافراد المعوقين في المجتمع