منتدى الخليج

منتدى الخليج (http://www.kleej.com/vb/index.php)
-   قسم المواضيع الإسلامية والقرآن الكريم (http://www.kleej.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان (http://www.kleej.com/vb/showthread.php?t=135300)

فطوووم 05-26-2019 01:30 AM

الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان
 






تكاد تتَّفِقُ المجتمعاتُ في مداناتها لقيم إنسانية عُلْيا تكاد تكون محل إجماع، وتأتي في أعلى مراتب تلك القيم وأسمى درجاتها قيمة الصبر؛ لشدَّة الحاجة إليها مدارَ عمر الإنسان، فعليه أن يصبر: على التعلُّم إن كان طالبًا، وعلى أذى الناس في سبيل أهداف عُلْيا إن كان مُصلِحًا، وفي المعركة إن كان جنديًّا، وعن هوى نفسه إن كان موظفًا أو مسؤولًا، وعلى تجاربه فلا يحبط إن كان عالِمًا، وعلى مشقَّة التدريب إن كان رياضيًّا يسعى للفوز، وعلى فقد الأحِبَّة... وهكذا دواليك، فالصبر فضيلةٌ مرغوبةٌ وسجيةٌ مطلوبةٌ في كل أحوال الإنسان؛ لتحمُّل مصاعب ومصائب الحياة وتجاوُزها، أو لتحقيق النجاح أو لديمومته.



ولا شكَّ أن أفضل مرحلة لتعلُّم القيم وتمثُّلها وتطبُّعها هي مرحلة الطفولة؛ فقابلية اكتساب المعارف والمهارات والاتِّجاهات في الطفولة أسرع استجابة وأعمق أثرًا، ولا سيَّما إنْ رافَقَ اكتسابها شعورٌ بالرضى والسعادة، أو القناعة تكون أدْعَى وأسرع لتمثُّلها وانتظامها ضمن المنظومة القيمية والسلوكية للإنسان.



وأفضل طريقة لتعلُّم القيم واكتسابها يكون من خلال ممارستها والتدرُّب عليها؛ فالعلم بالتعلُّم والحلم بالتَّحلُّم، والصبر بالتصبُّر والمصابرة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، وعن أبي سعيد الخُدْري عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال: ((ومَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ))[1].



وقد قام أحد علماء النفس بجامعة "ستانفورد" في فترة الستينيَّات هو "والتر ميشيل" بتجربة فريدة على أطفال مدرسة "بينج نيرسري سكول"؛ لدراسة أثر سجية الصبر وضبط الذات في حياة الفرد، وقد اصطُلِح عليها لاحقًا باسم "اختبار المارشملو"؛ وهي تخيير الطفل بين قطعة واحدة من حلوى "المارشملو" ليتناولها على الفور، أو قطعتين إذا استطاع أن ينتظر ويصبر مدة 15 دقيقة، وجاءت ردود الأطفال متباينةً أمام قطعة "المارشملو"؛ ولكن اللافت للنظر في تلك التجربة كان دراسة أحوال أولئك الأطفال بعد 12 سنة (في مرحلة المراهقة)؛ حيث بدا واضحًا أن الأطفال الذين تمكَّنوا من تأخير ملذَّاتهم وضبط أنفسهم لفترة أطول كانوا أكثرَ تركيزًا واعتمادًا على النفس، وأكثر ثقةً وتفكيرًا وتخطيطًا، وأفضل من ناحية الدرجات الأكاديمية.



وبين سني الخامسة والعشرين والثلاثين، كانوا أكثر قدرةً على السعي لتحقيق الأهداف، وبلغوا مستويات تعليمية أعلى وأكثر صحَّةً ومرونةً وتكيُّفًا، وعندما بلغوا منتصف الأربعينيَّات كانوا أفضل من الناحية العقلية والسلوكية والانفعالية[2].



وقد غدَتِ التجربةُ السابقة أسلوبًا معتمدًا في كثير من المؤسسات التي تُعنى بالطفولة؛ لتقييم أو لتعليم قيمة الصبر.



وفي التربية الإسلامية التي تعنى بالإنسان كلًّا متكاملًا وفي مراحل حياته كافة، نرى أن هناك نوعًا أرقى من هذا التدريب، وهو تعويد الأطفال (من سن التمييز إلى ما قبل البلوغ) صومَ نهارِ رمضانَ المبارك بعضِه أو كلِّه حسب طاقته واستطاعته، وقد عرفنا هذا الصوم ونحن صغار، كما عُرِف هذا الصوم الجزئي في مجتمعنا باسم طريف هو (صوم الحجل)؛ بل ذهب عددٌ من الفقهاء إلى ضرورة أن يأمر الوليُّ الطفلَ بالصيام "إن كان يطيق الصوم دون وقوعِ ضَرَرٍ عليه؛ ليتمَرَّنَ عليه ويتعوَّدَه"[3].



واستدلوا على ما جاء عن الرُّبيِّع بنتِ مُعَوِّذٍ رَضِيَ الله عنها قالت: "أَرْسَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن أصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ، قالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حتَّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطَارِ"[4].



حيث يصوم الطفل سويعات معدودات، تزداد حسب عمره وطاقته، وحسب توافر رغبته؛ فتقوى بذلك هِمَّتُه، وتشتدُّ عزيمتُه، ويتعلَّم الصبر، كما ينمو لديه شعورُ الثقة بذاته وقدراته على مواجهة أول التحديات، وهو حرمانه من إحدى رغباته الملحَّة؛ ألا وهي الطعام، ويتعزَّز لديه شعور الاستقلالية، وينمو لديه حِسُّ المشاركة والانتماء من خلال مشاركة مَنْ حولَه في شعائرهم؛ كالسحور، والإفطار، والقيام، وقراءة القرآن، وتقوى إرادتُه؛ فلا تنقاد للأهواء والرغبات الآنية، زِدْ على ذلك كله أن ربط صوم بعض النهار أو كله (صوم الحجل) للأطفال بمعاني الصوم النبيلة والأجر الأخروي، تجعل من الصبر والتضحية بشهوات عاجلة أمرًا مقبولًا في سبيل قيم عُلْيا؛ ولكن في اختبار "المارشملو" ترتبط بملذَّة دنيوية سريعة؛ وهي قطعتا الحلوى؛ مما قد يُنمِّي لديه حبَّ الماديَّات.



ولربما وقف بعض الآباء أمام رغبة أبنائهم القادرين على الصوم، فيضُره من حيث أراد أن ينفعَه، ولربما اعترض قائلٌ على الأمر بأهمية التغذية المناسبة للأطفال في تلكم السِّنِّ، فأقول: نعم، ولا شك في ذلك، والإسلام راعى حاجات الطفل الغذائية والنمائية؛ فلا يجب الصوم عليه؛ لانتفاء ركني البلوغ والإطاقة؛ بل وأباح للحامل والمرضع الإفطار في رمضان رعاية للجنين والرضيع؛ ولكن بضع سُويعات من الجوع الذي لا يترتَّب عليه ضررٌ تربيةً للنفس، لا تقلُّ أهميةً عن تربية الجسد.



وأخيرًا فالصبرُ فضيلةٌ مطلوبةٌ تمنح الإنسان قوةً نفسيَّةً عظيمةً تُساعِده على مُجابهة التحديات وتجاوز الصعاب، وتُعزِّز من فرص النجاح؛ لتحقيق المستقبل المشرق الذي ينعم فيه كلُّ أبناء المجتمع بالسعادة في الدارين؛ قال تعالى: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24].



القلب 05-26-2019 08:10 PM

رد: الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان
 
يسلمو فطوووم
على هذا الطرح وجزاك الله خير الجزاء ويعطيك ألف عافية

نوف 06-12-2019 05:05 PM

رد: الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان
 
جزاك الله خير
ويعطيك الف عافيه


 

جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الخليج - © Kleej.com

( 2007 - 2024 )


جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر العضو نفسه ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى